لم تختلف صورة الوضع الميداني في المدن السورية «الساخنة»، أمس، عما كانت عليه في اليومين الماضيين، مع استمرار النظام في حملة إعلامية هادفة إلى نفي حصول جرائم في حماه على يد الأجهزة الأمنية وقوات الجيش خصوصاً، ورمي مسؤولية قتل المواطنين وأفراد الأجهزة الأمنية على «العصابات الارهابية والتكفيرية». ونقلت وكالات الأنباء عن «المرصد السوري لحقوق الانسان» أن عدد المدنيين الذين قُتلوا ليل الاثنين في عدة مدن سورية برصاص القوات العسكرية السورية «بلغ 24 شهيداً، عشرة منهم في حماه وقتيلان في مدينة البوكمال بدير الزور وثلاثة في حمص واثنان في اللاذقية وستة في عربين شمالي شرقي دمشق وواحد في معضمية الشام قُتل برصاص الأمن داخل المسجد»، إضافة إلى عشرات الجرحى واعتقال أكثر من 150 شخصاً في مختلف المدن السورية. أما عصر أمس، فقد أكّد مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن أن ثلاثة مدنيين قتلوا في حماه بينهم شقيقان هما خالد وفاتح قانيل «اللذان لقيا حتفهما داخل سيارتهما إثر قذيفة أصابتهما، بينما قتل ثالث برصاص قناصة قرب الاطفائية». وأشار عبد الرحمن إلى «انتشار كثيف للدبابات على الطريق الواصل بين حمص والرستن وفي محيط الرستن»، لافتاً إلى تخوف أهالي الرستن من تنفيذ عملية عسكرية.
وأوضح المرصد أن «صلاة التراويح ليل الاثنين شهدت تظاهرات ضخمة دعت إلى إسقاط النظام وهتفت لحماه الجريحة ودير الزور». ولفت إلى أنّ «عدداً من القناصة شوهدوا يتمركزون على بناء الطيوري المطل على ساحة الحرية». بدورها، كشفت وكالة «أسوشييتد برس» أن قوات الجيش السوري المنتشرة في حماه عزّزت من وجودها داخل المدينة، من خلال تمركزها بالقرب من المنازل، وذلك بهدف منع المواطنين من التجمع بعد صلاة التراويح التي تعقب الإفطار. ونقلت عن الناشط المعارض عمر حموي تأكيده أن قوات الجيش، ممثلة بثماني دبابات وعدد من ناقلات الجند تقدمت بنحو 700 متر من جهة المدخل الغربي لحماه، متمركزة قرب المنازل في منطقة كازو السكنية، وهو ما فعلته أيضاً شرق المدينة حين شددت وجودها قرب السجن المركزي. وأشار حموي إلى أنه «ليلاً، تصاعد الدخان من مبنى السجن وسمع إطلاق النار من داخله من دون معرفة حقيقة ما يجري في داخله». وفي السياق، أكّدت مصادر سورية معارضة أن قصفاً استهدف حماه أمس، لافتة إلى أن إحدى القذائف أصابت مبنى قصر العدل في وسط المدينة، ما تسبب في احتراق أجزاء من المبنى، بينما أوضح أحد سكان المنطقة لوكالة «رويترز» أن «جثثاً محترقة لسجناء نقلت إلى خارج مجمع السجن» الذي علت منه صيحات «الله... سوريا... بشار وبس».
إلا أن رواية السلطة التي نقلتها وكالة «سانا» الرسمية أفادت بأن «مجموعة مخربة» اقتحمت قصر العدل وأضرمت النار في بعض أقسامه، مؤكدة أن «قوات الجيش لا تزال تنفذ مهمتها في فتح الحواجز والمتاريس التي كانت قد نصبتها مجموعات مخربة على المداخل الرئيسية لمدينة حماه». وتابعت أن «اشتباكاً واسع النطاق يجري لكون هذه المجموعات منظمة في وحدات وهي تستخدم أسلحة متطورة وتقوم بتفخيخ الشوارع الرئيسية».
وكان أثير التلفزيون السوري الحكومي قد بثّ مساء الإثنين تسجيلات وصوراً قال إنها تُظهر «جماعات مسلحة تنكّل بجثث رجال الجيش والأجهزة الأمنية وترميها في نهر العاصي». وتُظهر الصور من وصفهم التلفزيون بأنهم «رجال عصابات يتخذون من الشوارع وأسطح المنازل والمؤسسات في حماه أماكن للقنص والقتل».
في غضون ذلك، التقى الرئيس بشار الأسد وفداً من الجالية السورية في إيطاليا «حيث أعرب أعضاء الوفد عن ايمانهم بأن سوريا ستتجاوز هذه الظروف وستخرج أقوى مما كانت عليه».
أمّا من ناحية المعارضة، فقد أعلنت اللجنة التحضيرية لمؤتمر «تكوين المستقبل السوري» تأجيل مؤتمرها الذي كان مقرراً عقده في العاشر من الشهر الجاري في دمشق إلى أجل غير محدَّد، بسبب «استمرار السلطة في السير في الحل الأمني لمعالجة الأزمة»، محذّرةً من «المغامرة الأمنية» التي تعتمدها السلطات والتي «قد تودي بأمن البلاد وسلامة الوطن». وقال بيان صادر عن اللجنة إنّ القائمين على مؤتمر «تكوين المستقبل السوري» لا يجدون أي إمكانية الآن لعقد المؤتمر في موعده المقرر. ومن أبرز وجوه المؤتمر ميشيل كيلو ومنذر خدام ولؤي حسين وفايز سارة، الذين سبق أن عقدوا في 27 حزيران الماضي لقاءً تشاورياً في فندق «سميراميس» تحت عنوان «سوريا للجميع في ظل دولة ديموقراطية مدنية» بمشاركة عدد من المثقفين المعارضين والمثقفين والباحثين والمفكرين والفنانين، وكان ذلك، اللقاء العلني الأول من نوعه في سوريا لمعارضين سوريين منذ عقود.
(الأخبار، أ ب، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)