خلال محاضرة ألقاها في الجامعة الأميركية في القاهرة، أول من أمس، تحت عنوان «النظام العالمي الناشئ والربيع العربي»، أكد المفكر الأميركي نعوم تشومسكي أن الولايات المتحدة تخشى قيام أي ديموقراطية حقيقية تعكس الرأي العام للشعوب في منطقة الربيع العربي، وخصوصاً مع تداعي قوى هيمنتها على العالم. وشهدت المحاضرة حضوراً كثيفاً من شبان مصريين وأجانب وشخصيات سياسية وفكرية شهيرة في المجتمع المصري، مثل المرشح الرئاسي السابق عمرو موسى والمفكر جلال أمين والكاتبة أهداف سويف والكاتب محمد سلماوي. كما حضر المحاضرة عدد من النشطاء الشبان الذين لعبوا دوراً في الانتفاضة المصرية وما تلاها من أحداث مثل علاء عبد الفتاح ووائل خليل.
وقال الأستاذ الفخري في قسم اللغويات والفلسفة بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا إن «الأمر الأخطر بالنسبة للولايات المتحدة سيكون هو التحركات تجاه استقلالية القرار في منطقة الشرق الاوسط». وأضاف أن «مخططين أدركوا منذ الاربعينيات من القرن الماضي أن السيطرة على مناطق مخزونات الطاقة في الشرق الأوسط لها علاقة كبيرة بالسيطرة على العالم أجمع». وذكر أن «هناك خطراً آخر في منطقة الشرق الاوسط بالنسبة للولايات المتحدة يتمثل في احتمال أن تتحرك المنطقة صوب استقلالية لها معنى». وقال إن «هذا يمثل تهديداً خطيراً لها». وأشار إلى أن هناك دراسات كثيرة للرأي العام في العالم العربي أجرتها وكالات أميركية وتوصلت إلى نتائج مشابهة تفيد بأن «الولايات المتحدة لا تريد حقاً أن تعبر السياسات في الدول العربية كمصر وغيرها عن الرأي العام لشعوب المنطقة». ورأى أنه «إذا حدث هذا فقد يختلف موقف الحكومات من إسرائيل والولايات المتحدة، ولن تعتبر إيران خطراً كبيراً، بل إن غالبية الآراء قد ترى أن المنطقة ستصبح أكثر أمناً إذا امتلكت إيران أسلحة نووية لتوازن القوة الأميركية، وعندها سترى الولايات المتحدة أنه يجب وقف الديموقراطية، لأن الديموقراطية تعني ببساطة انعكاس الرأي العام على السياسات».
وأكد تشومسكي أنه «بالنسبة للغرب، فإن الدول الأهم هي الدول النفطية الدكتاتورية في منطقة الخليج، لكن هذه الدول نجت من موجات الربيع العربي وقمعت الانتفاضات التي طالبت بالديموقراطية فيها بعنف وبدعم من الغرب». وأعطى مثالاً على خوف الولايات المتحدة من الديموقراطية في المنطقة لا يزال ماثلاً أمامنا، وقال إن «هذا ظهر جلياً في الانتخابات الفلسطينية في عام 2006، التي وصفها العديد من المراقبين المستقلين بأنها أول انتخابات حرة ونزيهة في العالم العربي». وأضاف أن «الولايات المتحدة وإسرائيل حاولتا جاهدتين دفع نتيجة هذه الانتخابات باتجاه مرشحيهما المفضلين، لكن النتيجة جاءت مخالفة لتوقعاتهما. لذا، وفي غضون أيام، اتجهت الولايات المتحدة وإسرائيل والاتحاد الاوروبي إلى معاقبة الشعب الفلسطيني». وقال إن الولايات المتحدة «اتجهت فوراً إلى إجراء روتيني تتبعه لإطاحة الحكومات الديموقراطية التي لا تأتي على هواها، وبدأت بالإعداد لانقلاب عسكري، لكن الحكومة المنتخبة استبقت الانقلاب وكانت النتيجة هي تصعيد معاقبة الشعب الفلسطيني».
وكان تشومسكي قد زار قطاع غزة يوم الخميس الماضي بعدما انتقل إليه براً من مصر عبر معبر رفح. ودعا من هناك إلى رفع الحصار الإسرائيلي عن غزة، والتقى برئيس الحكومة المقالة، اسماعيل هنية، وألقى محاضرة في الجامعة الإسلامية بغزة عن الربيع العربي ومستقبل السياسة الخارجية في المنطقة.
ورأى تشومسكي أن السيطرة الأميركية على الشرق الاوسط لا تزال قائمة، وأن تداعي القوة الأميركية في العالم مستمر.
(رويترز)
1 تعليق
التعليقات
-
واشنطن تخشى قيام الديمقراطية في مناطق الربيع العربي .من عقر دارهم .من وسط الثقافة الأمريكية نفسها.الكاتب الأمريكي تشومسكي يفضح النفاق الأمريكي بالديمقراطية المزعومة التي يروج لها ببلدان (الربيع) العربي ..بكل وضوح لامصلحة أمريكية بأي ديمقراطية عربية في الأنظمة العربية كافة .الخوف الكامن من الديمقراطية هو الخوف من سيطرة المزاج الشعبي المعادي للغرب عامة وأمريكا خاصة .فأي نظام ديمقراطي عربي يعكس المزاج الشعبي هو بالمحصلة النهائية معادي لسياسة أمريكا .لذلك لا عجب من الموقف الأميركي المزدوج الخطاب .يدعم الديمقراطية علنا"ويحاربها سرا".فواقع الأمر والحقيقة التي يتعامى عنها الكثيرون ....أن لامصلحة لدول لغرب وأمريكا بأي ديمقراطية عربية ناشئة إلا بقدر توافقها مع مصالحهم وتحقيق مطالبهم بنهم السيطرة ونهب الثروات العربية وتحقيق مصالح إسرائيل بآن واحد.لهذا سارعت بقطع الطريق على الثورات العربية واقتناصها بالتحالف مع الإسلام الجديد المتماهي مع المصالح الأمريكية والمحافظ على إمتيازات إسرائيل بالمنطقة .إن هذا النفاق السياسي والمروج له عبر مكنات إعلامية كثيرة جدا".