السويداء | تصف مصادر من السويداء ما شهدته المدينة وبعض المناطق التابعة لها، في الأيام الماضية، من هجوم لفصائل مسلحة على نقاط أمنية وحكومية بحجة الرغبة في إزالة «حاجز العنقود» المستحدث، بمحاولة استغلال فرصة جديدة لعسكرة ملف السويداء الذي تتعامل السلطات السورية معه بعقل بارد، فيما ترفض الانجرار وراء حلول أمنية ترضي خصومها الراغبين قي إعادة الفوضى إلى الجنوب السوري بأي شكل. وتوضح المصادر أن النقطة العسكرية التي أنشئت بالقرب من «دوار العنقود»، عند أحد مداخل المدينة، لم تكن لتشكل إعاقة تُذكر لحياة السكان، لكن الفصائل المسلحة التي توصف بـ«غير المنضبطة والخارجة عن القانون»، حاولت، بالتعاون مع قيادات «الحراك السياسي»، الاستثمار فيها لجعلها سبباً للتصعيد.غير أن التحرك السريع من قبل بعض الفعاليات المجتمعية والمرجعيات الدينية للتنسيق لاحتواء الموقف، أجهض تلك المحاولات. وتبين المصادر أن الاتفاق الذي جرى التوصل إليه في أعقاب ذلك التحرك يتضمن بندين: أولهما أن «تقوم الدولة السورية بإبعاد نقطة «دوار العنقود» عن الطريق لمسافة معينة، وأن تكون هذه النقطة ثابتة بهدف تقديم الدعم للقوات الحكومية حين الحاجة، من دون أن تكون نقطة تفتيش بالمعنى الشائع لكلمة «حاجز»»؛ وثانيهما ينصّ على «انسحاب الفصائل المسلحة بكامل عناصرها من شوارع السويداء وإنهاء حالة التوتر في المدينة».
وفي السياق نفسه، توضح المصادر أن اجتماع المرجعيات الدينية والمجتمعية الذي عقد الاثنين الماضي في دار الطائفة في السويداء، كان بدعوة من شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز، يوسف الجربوع، ولم يحضره الرئيس الروحي للطائفة، حكمت الهجري، والشيخ حمود الحناوي، وذلك نتيجة وجود خلاف في الآراء حول الأحداث الأخيرة. وخرج المجتمعون ببيان حمل ختم «الجربوع»، بشكل منفرد عن بقية المشايخ، ليؤكد أن «السويداء جزء لا يتجزأ من الدولة السورية، والوقوف إلى جانب الجيش العربي السوري في مهامه، والحفاظ على مؤسسات الدولة، ومطالبتها بتفعيل الضابطة العدلية لتنفيذ القانون، مع دعوة الدولة إلى حزمة من الإصلاحات المتكاملة لخدمة الناس».
الجربوع: هناك «آراء مختلفة» بين المشايخ حول ما شهدته المحافظة


ويؤكد الجربوع، في حديث إلى «الأخبار»، أن هناك «آراء مختلفة بين المشايخ حول ما شهدته المحافظة، وقد تم التوصل إلى حل وسط». وحول ارتباط الفصائل المسلحة المنتشرة في السويداء بالقاعدة الأميركية في «التنف» أو «الرئاسة الروحية لطائفة الموحدين الدروز» في فلسطين ممثلة بالشيخ موفق طريف، الذي رفعت صوره خلال الاحتجاجات التي تشهدها المحافظة، يقول الجربوع إنه «لا يمكن البت في مقدار التعاون ما بين هذه الفصائل والجهات الخارجية، وإنه لا يملك معلومات تؤكد هذا الارتباط أو تنفيه». كما يشير إلى أن انتشار السلاح بين سكان السويداء «يعود إلى بداية الأزمة السورية والهجمات التي شهدتها المحافظة لعدة مرات من قبل الفصائل الإرهابية وخاصة معركتي «مطار الثعلة» في عام 2015، ومعركة «المقرن الشرقي»، والهجوم الذي نفذه «تنظيم داعش» مرتكباً مجرزة في ريف السويداء الشرقي خلال عام 2018». وهنا، يلفت «الجربوع» إلى «انعدام وجود معلومات دقيقة حول كمية السلاح المنتشرة بين سكان المحافظة حالياً، وما إن زادت عن الكميات التي كانت في بداية تسلح السكان لحماية أنفسهم».
ويلفت إلى أن المحافظة «تعيش منذ سنوات حالة من الفوضى العارمة متمثلة في زيادة التعديات وتشكيل عصابات متنوعة، وفصائل مسلحة بأسماء ومرجعيات كثيرة»، مضيفاً أن(نا) «توجّهنا إلى كبار المسؤولين في الدولة لإعادة تفعيل دور الأخيرة في المحافظة بما يمنع من تمدد حالة الفوضى التي وصلت إلى حد ممارسة القتل العلني، لكن لا يزال القتلة في المحافظة يشعرون بأنهم فوق القانون، إضافة إلى جرائم الخطف تحت تهديد السلاح والسرقات». وإذ يشير إلى أن «التواصل مع الدولة السورية في هذا الخصوص وصل إلى نقطة متقدمة لإعادة تفعيل دور الدولة السورية، بالتعاون مع فعاليات المجتمع في السويداء»، فهو يرى أن «هناك تأخيراً في تنفيذ ما تم التوصل إليه»، منبهاً إلى أن «حالة الفوضى التي تشهدها السويداء لا تصبّ إلا في مصلحة أعداء الوطن الذين هم أعداء السويداء بالضرورة، وأنها تنعكس على الواقع الاقتصادي لسكان المحافظة التي تسببت حالة انعدام الأمان فيها بعزوف التجار عن الاستثمار أو نقل المواد منها وإليها، وهذا ما لا يريده أي من سكان السويداء، التي لن تكون بأمان إلا من خلال التنسيق مع الدولة السورية وليس العمل ضدها».
يذكر أن إحصائيات غير رسمية حصلت عليها «الأخبار»، من مصادر متعددة في السويداء، تشير إلى تسجيل 25 جريمة قتل في المحافظة منذ بداية العام الحالي، معظمها بدوافع جنائية كالثأر أو السرقة والخطف. وقد شهد عام 2023 مقتل 86 مدنياً في جرائم مماثلة.