الحسكة | لا تزال «الإدارة الذاتية» الكردية، وفقاً لما تشيعه إعلاميّاً، متمسكة بإجراء الانتخابات المحلية في مناطق سيطرتها، رغم معارضة الولايات المتحدة لهذه الانتخابات، وتهديد تركيا بشنّ عملية عسكرية واسعة في حال تقرَّر إتمام الاستحقاق الذي تعدّه أنقرة بمنزلة «خطر على أمنها القومي»، علماً أنه كان مقرّراً إنجازه في الـ11 من حزيران الجاري، قبل أن يصار إلى تحديد موعد جديد له في آب. وظهر هذا التمسُّك في تصريحات أدلى بها مسؤولون أكراد بارزون، أعلنوا فيها أن الانتخابات ستجري في موعدها ومن دون أيّ تأجيل إضافي، واعتبروا أن التهديدات التركية قائمة أصلاً بمعزل عن أيّ خطوة انتخابية. وأكد الرئيس المشترك لـ«حزب الاتحاد الديموقراطي»، صالح مسلم، الذي يقود تحالف أحزاب «الإدارة الذاتية»، أن الأخيرة «ماضية في إجراء الانتخابات المحلية، والقرار يعود إلى الجهات المشاركة في المفوضية العليا للانتخابات والأحزاب في تحديد موعدها بعد تلافي النواقص السابقة»، مبرراً قرار التأجيل بأنه يعود إلى «عدم وجود خبرة كافية لدى المفوضية، والاعتراضات المقدَّمة من جانب الأحزاب السياسية، والرغبة في إتاحة الوقت للدعاية ومشاركة ضيوف عرب وأجانب للإشراف على سير العملية الانتخابية». وعلّق مسلّم على بيان السفارة الأميركية في سوريا، والذي حثّ الأكراد على «عدم المضيّ قدماً في إجراء الانتخابات، لغياب الظروف المناسبة»، مشدداً على أن «أيّ انتخابات تقام في سوريا يجب أن تكون نزيهة وشفافة وشاملة وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي 2254»، بالقول إنه «ليس هناك إطار زمني لتطبيق القرار 2254، ولا أحد يعلم متى سيتم تطبيقه». وتساءل: «هل علينا الانتظار عشر سنوات إضافية أو أخذ موافقة تركية مسبقة لانتخاب رئيس بلدية؟ هذا غير معقول!»، فيما دعا القيادي الكردي البارز، ألدار خليل، جميع الأحزاب المشاركة في الانتخابات، إلى أن تكون «مستعدة لإجرائها في موعدها، وحتى لا يقال مرّة أخرى إنّنا غير مستعدين».
منذ إعلان «الذاتية» الموعد الأول للانتخابات، وتأجيلها عدّة مرات، أبدت تركيا موقفاً متشدّداً إزاءها


ومنذ إعلان «الذاتية» الموعد الأول للانتخابات في 30 نيسان الماضي، وتأجيلها عدّة مرات، أبدت تركيا موقفاً متشدّداً إزاءها، وحثّت على ضرورة اتّخاذ موقف دولي حازم لمنع إجرائها، كونها تعتبر «تمهيداً للانفصال» بالنسبة إليها، مهدّدةً أيضاً بشنّ عملية عسكرية واسعة، في حال أقيمت فعلاً. وهدّد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، بأنه «إذا تم بالفعل تنظيم انتخابات، فسنحشد كل قواتنا بحسب الضرورة. ولن نسمح للإرهابيين بترسيخ مواقعهم تحت أنوفنا، ولن نتردّد أبداً في القيام بما هو ضروري في هذا الشأن»، مبدياً «الاستعداد لاتّخاذ إجراءات عسكرية لمنع حزب العمال الكردستاني من اكتساب الشرعية في سوريا». وأكد وزير الدفاع التركي، يشار غولر، بدوره، أن «تركيا تعارض جهود الأحزاب الكردية لإجراء انتخابات محلّية، وإتمام هذه الانتخابات يمثّل بالنسبة إلى أنقرة خطوة نحو إنشاء دولة مصطنعة على حدودنا».
وتعارض جهات سياسية وأهلية المضيّ في الاستحقاق، ومن بينها أحزاب «المجلس الوطني الكردي» الذي اتهم «الذاتية» بـ«إجبار السكان على المشاركة في الانتخابات، عبر ربط تقديم خدمات المحروقات والخبز والغاز، بإصدار البطاقة الانتخابية والمشاركة الإجبارية في الاستحقاق، في «تجاوز غير مسبوق للديموقراطية»، بحسب تلك الأحزاب. ووفقاً لمصادر مقربة من «حزب الاتحاد الديموقراطي»، فإن «القرار اتُّخذ بإجراء الانتخابات المحلية، استناداً إلى أن التهديدات التركية بشنّ عملية عسكرية، مستمرّة منذ عدة سنوات». وتشير المصادر، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أن «الإدارة الذاتية تَعتبر أن انتخاب رؤساء لجان أحياء وبلديات وغيرها، لن يؤثّر حتماً على الأمن القومي التركي ولا حتى السوري»، فيما يبيّن مصدر كردي مقرّب من «الذاتية»، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «قرار إجراء الانتخابات غير نهائي، وقابل للنقاش والتأجيل»، معترفاً بـ«وجود صعوبات، كون الانتخابات مرهونة بالظروف الإقليمية والدولية غير المشجعة حتى الآن على إقامتها». ولفت إلى أن «هناك أصواتاً داخل الذاتية ومجلس سوريا الديموقراطية تطالب بمراعاة هذه الظروف، وأخذ التهديدات التركية على محمل الجدّ، وعدم منح أنقرة ذرائع إضافية لانتزاع موافقة الأطراف الدولية على عملية عسكرية جديدة»، معتبراً أن «الوقت لا يزال مبكراً (...) سيكون هناك قرار بتأجيل إضافي لعدّة أشهر، إلى حين نضوج الظروف المناسبة لإجراء الانتخابات».