تقبض جنين على سرّ هذه البلاد ولا يبدر منها البتة ما يدلّ على رغبة في أن تكسر روتينها الذي تواظب عليه. كلّما تشخص إليها الأبصار تراها تضيء بأحجارها وشبابها جذوة البقاء على طول الأرض ما بين الأزرقين. وفي هذه الريادة معنى أن تتوّج على التوالي عاصمة للانتفاضة والاشتباك والمقاومة. تكرّر الانتصار لكل فلسطين، بتكافل الناس داخلها ومن حولها، وباحتضان المقاومين، تماماً مثلما تنتصر بثبات شبّان ولدوا في هذه الألفية من أرحام مهجّرة، يحملون البنادق ويناطحون وجه الموت وآلته. تعيد جنين، كلّما دارت الأرض بمرج بن عامر وجبل الكرمل دورة، سردَ روايتها، مع فصول مزيدة ومنقحة، من العشرينيات إلى العشرينيات، وبينهما ملحمة عام 2002. تقول اليوم: هذه بـ«السوار الواقي»، وجيل جنين بأوهام «جيل دايتون»، والجغرافيا الواقعة بين احتلالين، الضفة و48، خزّان البلاد الوفير من الأحلام