أي عمل عسكري ضد صنعاء لا يمكن أن يتم إلا بتغطية الرياض وأبو ظبي اللتين ترفضان ذلك خشية تعرّضهما للقصف
في المقابل، فشل الغرب، سياسياً وعسكرياً، في التعامل مع تهديدات البحار التي تتعرّض لها أساطيله. والحقيقة أن هذه الدول، منفردة أو مجتمعة، لم تألُ جهداً في محاولة ردع اليمن ومنعه من تحقيق أهدافه. وكعادتها، لجأت إلى الوكلاء المحلّيين في الجنوب، في عملية توظيف مكشوفة لتأجيج الصراع مع صنعاء، وتشتيت جهد الأخيرة في جبهة المساندة، وهو ما عُقدت من أجله الكثير من الاجتماعات، وأُجري في إطاره عدد من عمليات الاستطلاع بالنار، للتأكد من مدى جهوزية «أنصار الله» التي تثبت، في كل مرة، أنها تأخذ في الحسبان السيناريوات كافة. غير أن المعضلة هنا، هي أن المكوّنات المحلية في مناطق سيطرة «التحالف»، مرتبطة، مالياً وسياسياً، بكل من السعودية والإمارات. وأي عمل عسكري تنوي القيام به، لا يمكن أن يتم إلا بتغطية منهما، وهذا ما ترفض الرياض وأبو ظبي القيام به إلى الآن، خشية ردود عسكرية يمنية تطال أراضيهما.
والمفارقة هنا، هي أنه بدلاً من أن تستفيد المكوّنات المحلية من الظرف الحالي، وتعمل على تحسين الظروف المعيشية للسكان الواقعين تحت سلطتها، والضغط على الأقل لتوفير الرواتب لموظفي الدولة من عائدات تصدير النفط اليمني، فإنها تعرض خدماتها على القوى الإقليمية والغربية بالمجان، في وقت حوّل فيه التراجع الجديد في قيمة الريال المتداول في المحافظات الجنوبية، والذي تجاوز سقف الـ1700 ريال للدولار، الوضع المالي إلى معضلة مستعصية لم تفلح مختلف الإجراءات التي اتّخذتها حكومة عدن في معالجتها أو التقليل من آثارها. ولا يتوقّف الأمر على انهيار العملة، بل تشهد محافظة عدن وبقية المحافظات الواقعة تحت سيطرة «التحالف»، انقطاعاً دائماً للكهرباء، يفاقم الأوضاع سوءاً.
وبينما تتعرّض حكومة أحمد بن مبارك ومن خلفها «المجلس الرئاسي» برئاسة رشاد العليمي، لضغوط وانتقادات وسخط شعبي، إلا أن بن مبارك اختصر المشكلة التي يعانيها اليمن بالقول إن الغرب لم يكن مقتنعاً بسردية الوكلاء والشركاء الإقليميين. وبشيء من الزهو، اعتبر أن سردية الحرب تغيّرت كثيراً، وقال في مقابلة مع جريدة «الشرق الأوسط»: «كثير مما كنّا نقوله وننبّه إليه، صاروا الآن هم (الغربيون) من يذكروننا به. وكثير من السرديات التي قامت عليها حتى الحلول الأخيرة، سقطت». ويمنّي بن مبارك نفسه بهذا التحوّل الغربي الذي من المهم أن يقود، بحسب رأيه، إلى «تحوّل إستراتيجي في طبيعة النظرة إلى الحوثيين، ليس فقط بوصفهم طرفاً عسكرياً أو اجتماعياً، لكن أيضاً بوصفهم تهديداً أيديولوجياً، وتأثير هذه الأيديولوجيا ليس على اليمن فحسب، وإنما على المنطقة والعالم».