زاد انتشار فيروس «كورونا» شدّة مآسي اليمن الذي مزّقه العدوان العسكري والحرب المستمرة على أرضه، وبات النظام الصحيّ في حال يرثى لها.ووفق دراسة أجرتها الأمم المتحدة، يحتاج اليمن إلى مساعدات إنسانية بقيمة 2.4 مليار دولار حتى نهاية 2020. وسيؤدي عدم توفير قيمة المساعدات إلى إغلاق أكثر من 30 برنامجاً من أصل 41 برنامجاً أممياً لدعم اليمن، في غضون أسابيع.
لم يفكر أحد في وقف مستدام للعمليات العسكرية وإتاحة الفرصة للجهود الإنسانية بشكل جدي، بل انطلقت فعاليات مؤتمر افتراضي تنظمه الأمم المتحدة والسعودية، لحشد الدعم المالي «للجهود الإنسانية في اليمن»، بمشاركة أكثر من 130 دولة ومؤسسة دولية مانحة. لكن ما نجح المؤتمر في تجميعه هو نصف المبلغ المطلوب فقط، إذ وصل مجموع ما حُصّل الى 1.35 مليار فقط.
قدمت السعودية تعهدات مالية بقيمة نصف مليار دولار من إجمالي المبلغ، فيما تعهدت الولايات المتحدة بمبلغ 225 مليون دولار وبريطانيا بـ196 مليون دولار وألمانيا بـ137 مليون دولار والمفوضية الأوروبية بـ78 مليون دولار. كما أعلنت بلدان أخرى شاركت في المؤتمر عن تعهدات مالية بأرقام مختلفة، تراوح بين مئات الألوف وعشرات الملايين.
ولكن البرامج التي تحافظ على حياة الناس، والتي تعد ضرورية للغاية لمكافحة «كورونا»، سيتحتم وقفها إذا لم يكن الدعم بالشكل المطلوب، إذ إن هذه البرامج تملك تمويلاً يكفيها لمواصلة عملها ستة أسابيع فقط، بحسب ما قال المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية يانس ليركه. وأضاف غوتيريش على ذلك، بالقول إن نصف المرافق الصحية تدخل حيّز العمل فقط، وهناك نقص في أجهزة الاختبار والتنفّس وسيارات الإسعاف ومعدات الحماية الأساسية.
كل هذا ولَّد معدلات وفيات بالفيروس هي «من بين الأعلى في العالم»، حيث أعلنت منظمة «أطباء بلا حدود» وفاة أكثر من نصف المرضى الذين استقبلتهم في مركز تديره لعلاج فيروس «كورونا»، بمدينة عدن جنوب اليمن. وأورد التقرير أن المركز استقبل بين 30 نيسان و31 أيار 279 مريضاً، توفي 143 منهم، ما يعني وفاة أكثر من النصف.
«إنها اللحظة التي كنا نخشاها جميعاً»، أكدت المنظمة غير الحكومية «أنقذوا الأطفال»، بعد كمّ الأخبار السيئة التي تتوالى. تجري في اليمن اختبارات بأقل من 100 فحص لكل مليون مواطن، ما يعني أن قرابة 20% من المديريات الصحية التي تبلغ 333، لا يوجد فيها طبيب واحد يغطي احتياجاتها. ومن بين كل 3 يمنيين، فإن اثنين منهم بحاجة إلى العون لتوفير الغذاء اللازم للاستمرار في الحياة، ومن بين هؤلاء الاثنين واحد منهما حاجته ماسة.
أما على صعيد أرقام «كورونا» المعلنة، فبلغ إجمالي الإصابات 399، بينها 87 وفاة، و15 متعافياً.
«أنصار الله» بدورهم، أعلنوا حالة الاستنفار والتعبئة الطبية الشاملة لمواجهة الفيروس، لكنهم أكدوا أن اللجوء إلى تنظيم مؤتمر للمانحين في ظل استمرار العدوان والحصار «هروب من أصل المشكلة». يلاقيهم في هذا الرأي مفوض إدارة الأزمات في الاتحاد الأوروبي، يانيز لينارشيش، الذي شدّد على قوله إنه لضمان وصول المساعدات إلى أكبر عدد من الأشخاص «يجب رفع جميع القيود والتدخلات التي تنتهك المبادئ الإنسانية».