منذ حوالى الشهر، بدأ الرئيس الأميركي باراك أوباما هجومه على المرشح الجمهوري الأوفر حظاً دونالد ترامب. كان الأمر عبارة عن تصريحات شاجبة منتقدة لشخصه ولمواقفه. ولكن مع تقدم الوقت، صارت هذه التصريحات تتسم بحدة أكبر، وخصوصاً في وجه المحافظين والمراقبين الذين كانوا يضعون اللوم على أوباما نفسه، ويعتبرون سياسته من الأسباب التي أدت إلى تنامي «ظاهرة» ترامب. وبعد المحاولات الجمهورية التي كانت نتيجتها قصوراً في وضع حد لترامب، بدأت معركة أوباما في وجه الملياردير المثير للجدل تتسم بجدية أكبر، حاملة معها أنباءً عن دخول فريق أوباما «البيضاوي» ومساعديه على خط الحملات الانتخابية.
أوباما: ترامب لن يصبح رئيساً «لأن الرئاسة وظيفة جدية»

سلسلة تصريحات أطلقها أوباما سبقت انخراطه بشكل فعلي في المعركة، وفي آخر هذه التصريحات التي استهدفت ترامب، كان انتقاده لصعود السياسة «الوحشية» التي تدعو إلى الابتذال والانقسام، قائلاً خلال حفل غداء في مبنى «كابيتول هيل»، قبل يومين، «لقد تقبلنا هذا الأمر كظاهرة طبيعية جديدة، في كثير من الأحيان، بطريقة أو بأخرى، لكن يجب أن نسأل أنفسنا بشأن مساهمتنا في هذا المناخ الجديد في حياتنا السياسية».
أوباما أضاف، يومها، أنّ الجميع يتحمّل المسؤولية عن المناخ الحالي الذي لا يعكس بدقة وجه أميركا. لكن هذا الاعتراف كان قد سبقه، بأيام، انتقاد للجمهوريين، قال فيه «أرفض الإشارة إلى أن التصدع الذي يعانيه الجمهوريون أتى نتيجة لبعض الأعمال التي قمت بها».
ولم ينته أوباما عند هذا الحد، بل طالب الجمهوريين بوضع حد للصمت بشأن خطابات ترامب، وقال إنه لا يمكن التغاضي عن سقوط السباق الرئاسي إلى الحضيض.
الرئيس الأميركي كان قد تهجّم على ترامب، أكثر من مرة، وفي مناسبة أخرى قال أثناء عرض إنجازاته «إذا ما أخبركم شخص ما قبل سبع سنوات أنه سيكون لدينا بطالة 4.9 في المئة، وأسعار البنزين عند 1.80 دولار، والعجز خُفض بمقدار ثلاثة أرباع، وبن لادن بات خارج المشهد، فلن تصدقوا ذلك»، إلا أنه أضاف أن «هذه حقائق لا أبالغ فيها، أعني تصوّروا ما يمكن أن يقوله ترامب إذا ما كان لديه بالفعل سجل مثل هذا، بدلاً من بيع شرائح اللحم».
وكان قد سبق كل ذلك، إعراب أوباما عن اعتقاده بأن ترامب لن يصبح رئيساً للبلاد «لأن الرئاسة وظيفة جدية». حينها، اعتبر أن الناخبين الأميركيين لن يختاروه رئيساً لهم لأنهم «يعرفون أن وظيفة الرئيس جدية»، مؤكداً أن «الرئاسة ليست كوظيفة مقدم برامج تلفزيونية، وليست للترويج والتسويق».
أخيراً، بعد كل هذه التصريحات، أفادت صحيفة «واشنطن بوست» بأن أوباما بدأ التدخل الفعلي في السباق الرئاسي، «ليس فقط من أجل مساعدة الديموقراطيين على الحفاظ على البيت الأبيض، ولكن من أجل الدفاع عن إرثه، في جو سياسي يطغى عليه ترامب».
«الرئيس كان واضحاً بالقول إنه في الوقت الذي نقترب فيه من الانتخابات العامة، سيصبح من المهم أن يفهم الشعب الأميركي ما هو على المحك»، علّقت نائبة المسؤول الإعلامي في البيت الأبيض جنيفر فريدمان على الموضوع.
وفي هذا السياق، أشارت «واشنطن بوست» إلى أن أوباما وفريقه ينشغلان، حالياً، في وضع الاستراتيجيات التي تهدف إلى الاستفادة من «نهجه الناجح في عامي 2008 و2012 للدفع باتجاه استبداله بديموقراطي آخر» في البيت الأبيض. وانطلاقاً من قلق من أن يقوم رئيس جمهوري في عام 2017 ــ إن كان دونالد ترامب أو تيد كروز ــ «بإضعاف أو تغيير المعالم السياسية التي أرساها»، بدأ أوباما ومساعدوه بمعالجة هذه الحالة، التي تشكل أساساً لهزيمة الجمهوريين، في تشرين الثاني المقبل.
وتشمل جهود البيت الأبيض، وفق الصحيفة الأميركية، «جمع وتحفيز التحالف الذي أوصل أوباما إلى السلطة، أي الأميركيين من أصول أفريقية ولاتينية، وأيضاً الناخبين الشباب والنساء».
مع ذلك، يرى عدد من الديموقراطيين أنه في حال كان ترامب مرشح الحزب الجمهوري للانتخابات العامة، فهذا كفيل بمساعدة الحزب الديموقراطي على حلّ مشكلة التعبئة. وهم يعتقدون بأن «سياسة ترامب المعادية للمهاجرين وتعليقاته المثيرة للجدل عن النساء والأقليات ستساعدهم في الخريف المقبل».
بناءً على ما تقدم، ينصبّ الاهتمام على الناخبين من أصول لاتينية، وخصوصاً من قبل المجموعات الداعمة لحملة هيلاري كلينتون، وللديموقراطيين بشكل عام.
أما نائب الرئيس جو بايدن، فيؤدي دوراً خاصاً في هذه التحركات، ذلك أنه يحضّر لحملة انتخابية تهدف إلى جذب الناخبين من الطبقة العاملة، الذين يمكن استقطابهم من أمام ترامب.