وفي السياق نفسه، يرى الكاتب المعروف، مراد يتكين، أن نتائج الانتخابات الأوروبية «تصبّ في مصلحة وفي غير مصلحة تركيا»، إذ من شأنها أن «تؤجّج العداء والكراهية للأجانب وفي قلبهم اللاجئون». وفي المقابل، فإن «فوز اليمين المتطرّف سيزيد من التنافسية بين الدول الأوروبية على الصعيد التجاري، وسيفتح الباب أمام تركيا في مناطق روسيا والقوقاز وآسيا الوسطى للاستفادة من فرص جديدة، وسيكون ذلك في مصلحتها. كذلك، فإن التشدّد الديني المحتمل في أوروبا، سيعزّز جبهة الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، في تحالفه منذ عام 2017، مع حزب الحركة القومية اليميني المتطرّف».
«ما حدث في أوروبا هو دعم لسياسات إغلاق الأبواب أمام اللاجئين»
ومن جهته، يتساءل الكاتب المعروف، محمد متينير، في صحيفة «يني شفق» الموالية، عمّا إذا كان للنتائج تأثير على تركيا، ليجيب بأن «صعود اليمين المتطرّف يمثّل إشارة إلى موجة تهديدات خطيرة تؤثّر على تركيا. وعلامة على تهديد له بعد عالمي». ويقول إن «الجميع يعرف الظروف التي صعد فيها هتلر في ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى والنتائج الهدّامة لسياساته. لا يمكن القول إن الظروف هي عينها، لكن الأحاسيس والدوافع هي نفسها، أي انتشار فيروس معاداة الأجانب والنزعة العرقية، ومنها معاداة الإسلام، وتركيا في رأس الدول المستهدفة من كراهية الأجانب». ويعدّد متينير موضوعات الخطر المحتملة، والتي تأتي في مقدّمتها قضية اللاجئين، معتبراً أن «فتح الباب أمام اللاجئين على مصراعيه ليس هو الحلّ؛ فالتغيير الديموغرافي وارتفاع معدّلات الجريمة وغيرهما، يمكن أن يؤججا كراهية الأجانب، مع ما يحمله ذلك من مخاطر على الاستقرار الاجتماعي (...) إذا لم تُحلّ هذه القضية، وفقاً لمعايير إسلامية وإنسانية، فيمكن أن تتحوّل إلى مجال رخو داخل المجتمع التركي. وسيكون ذلك سبباً لصعود اليمين القومي المتطرّف في تركيا، ومعاداة الأجانب علناً. أمّا الأحزاب التي تقول إنها ستعتني باللاجئين وتقدّم لهم المساعدات، فلن يكون لها نصيب في صناديق الاقتراع».
ويشير متينير أيضاً إلى شمال سوريا، ومسألة النزعة الكردية، وهو ما يشكّل، برأيه، «أخطر خطوط الصدع في تركيا»، ذلك أن «النزعات القومية تغذّي بعضها. ولذا، من المهمّ معالجة النزعات العرقية بحساسيّة عالية، وإلّا فإنّنا سندفع بأيدينا بلادنا إلى التهلكة والدمار». ويضيف، في هذا الجانب، أن «بناء طرف وتدمير طرف آخر، يحمل مخاطر وجودية على أمّتنا»، داعياً «العدالة والتنمية» إلى «التوقّف عن النظر إلى المسألة الكردية على أنها فقط مسألة كسر حزب العمال الكردستاني. فهذا الحزب مجرّد أداة كما أنه لم يَعُد نسخة من الحزب القديم... يجب محاربة الإرهاب، لكن أيضاً إزالة الظروف التي تخلق سوسيولوجيا الإرهاب. فمهما نجحت في الحرب ضدّ الإرهاب، إذا لم تربح الناس فإنك لا تكون فعلت شيئاً». وأخيراً، يقول: «إذا لم يقم الحزب الحاكم بخطوات تبدّد المخاوف، فإن الفراغ الذي سينشأ، ستملؤه قوى اليمين المتطرّف. لذا، على زعامة إردوغان أن تجعل العدالة والتنمية حزباً جديداً، وأن تُظهر أنه الأمل السياسي الوحيد للأمة!».
ومن جهة أخرى، تلفت صحيفة «جمهورييات» إلى الانعكاسات السلبية المحتملة لفوز اليمين وتراجع سعر اليورو على الاقتصاد التركي، ولا سيما أن «الاتحاد الأوروبي يحتلّ المركز الأول في صادرات تركيا، وهو سوق الاستيراد الأكبر لتركيا، والأخيرة تصدّر باليورو وتستورد بالدولار». من هنا، فإن «تراجع سعر اليورو سيؤثر سلباً على مداخيل المصدّرين الأتراك. ونظراً إلى ارتباط أسعار الاستيراد من أوروبا بالدولار، فإن ارتفاع سعره مقابل اليورو، سيزيد من تكاليف الاستيراد، وبالتالي من نسبة التضخم. كما سيرفع تكاليف سداد الديون الخارجية، وسيضغط على الميزانية».