تراجع «الزخم»
ويأتي إحياء «عيد النصر» هذا العام في الوقت الذي تواصل فيه القوات الروسية تحقيق مكاسب ميدانية في شرق أوكرانيا، إذ أعلنت، خلال الأسبوع الماضي فقط، السيطرة على العديد من القرى هناك. وفي الإطار نفسه، نشرت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية تقريراً جاء فيه أنّه مع استمرار العجز الأوكراني بسبب النقص في الأسلحة والأفراد، أصبحت القوات الروسية تحاصر بلدة تشاسيف يار «ذات الأهمية الاستراتيجية الكبيرة»، وهو ما يمكن أن يمهّد الطريق أمام المزيد من التقدم الروسي. وتبعد البلدة نحو 6 أميال عن باخموت، وكانت مركزاً مهماً لكييف منذ عام 2014، ومقراً لمستشفى عسكري مهم، ثمّ مقراً لعملية القوات المشتركة ضد روسيا. وأكّد الجنرال فاديم سكيبيتسكي، نائب رئيس «المخابرات العسكرية الأوكرانية»، لصحيفة «ذي إيكونوميست»، في وقت سابق، أنّ سقوط البلدة أصبح على الأرجح «مسألة وقت فقط»، مضيفاً أنّ وضع أوكرانيا حالياً هو «أسوأ مما كان عليه» منذ اليوم الأول لبدء الحرب.
أجمعت وسائل الإعلام الغربية على أنّ الاحتفال بـ«عيد النصر» جاء «مختلفاً جداً» عن احتفال العام الماضي
وفي تقرير منفصل، نقلت «واشنطن بوست» عن مسؤولين أوكرانيين وغربيين قولهم إنّ خيارات الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، لما يجب فعله مستقبلاً أصبحت تتراوح حالياً «من سيئ إلى أسوأ»، مؤكدةً أنّه على الرغم من تأكيد زيلينسكي أنّ «أوكرانيا لن تقبل بما هو أقل من عودة جميع أراضيها، بما في ذلك تلك التي تسيطر عليها روسيا منذ عام 2014»، فإنّ التغيرات التي طرأت على خطوط المعركة، العام الماضي، تشير إلى أنّ استعادة كييف لمساحات شرق وجنوب البلاد تشكل حوالي 20 في المئة من مساحة الأخيرة، أصبحت «غير مرجحة بشكل متزايد». كما نقلت الصحيفة عن مسؤول غربي في أوكرانيا قوله إنّ الوحدة الداخلية الأوكرانية حول الحرب أصبحت «تتلاشى»، بعد «الدعم الساحق» الذي كان يحظى به الرئيس فولوديمير زيلينسكي خلال العامين الماضيين. وعلى الرغم من أن كييف خفضت سنّ التجنيد إلى 25 عاماً، فإنّ خطتها لتعبئة نحو 500 ألف جندي تبدو غير قابلة للتطبيق، طبقاً للصحيفة نفسها، ولا سيما وسط انقسام بين البرلمان وزيلينسكي حولها، باعتبار أنّها لا «تحظى بشعبية»، وأنّ تكاليف اقتصادية باهظة ستترتب عليها، فيما لا يبدو العديد من الشبان الأوكرانيين على استعداد للتطوع في الحرب.
من جهتهم، رأى مراقبون، في حديث إلى صحيفة «بوليتيكو» الأميركية أنّ «حرب الاستنزاف» الحالية تصب في مصلحة بوتين الاستراتيجية، مشيرين إلى أنّه فيما كان من الضروري تمرير حزمة المساعدات في الكونغرس، إلا أنّ تلك الخطوة لن تكون كافية لـ«عكس الوضع المتدهور في أوكرانيا». وطبقاً لأصحاب هذا الرأي، فقد «حان الوقت لفكّ القيود التي وضعها الغرب على أيدي زيلينسكي، والسماح له باستخدام الأسلحة والمعدات التي يقدّمها له» بأقصى طاقاتها، وأنّه أصبح يتوجّب على الغرب أن «يخاطر بمخزوناته في زمن الحرب»، لمنح الرئيس الأوكراني «ما يحتاج إليه جنوده».