طهران | تدْخل إيران، اليوم، الجولة السادسة من محادثات فيينا، التي تناقش منذ نيسان الماضي العودة إلى الاتفاق النووي. جولةٌ لن تكون الأخيرة، بحسب تصريح رئيس الوفد الإيراني المفاوِض، عباس عراقجي، لكنها قد تفضي إلى رفع واشنطن للعقوبات الاقتصادية على صادرات النفط الإيرانية، وبعض التبادلات التجارية والاتفاقات الثنائية، إضافة إلى أنها سترسم التفاصيل النهائية، قبل العودة إلى الاتفاق. إلّا أن عراقجي أشار إلى إمكانية «العودة الى عواصمنا لمناقشة التفاصيل العالقة، ومن ثمّ تحديد جلسة أخيرة لإنجاز الاتفاق النهائي». الطريق تبدو صعبة بالنسبة إلى الشارع الإيراني، كما إلى الحكومة، خصوصاً بعد توتّر الأجواء بين الإيرانيين و»الوكالة الدولية للطاقة الذرّية»، على خلفية تصريح مديرها بأن إيران انتهكت التزاماتها النووية، كما فاقت نسبة التخصيب لديها 16 مرّة النسبة المسموح بها، الأمر الذي اعتبرته طهران «مسيّساً وغير صحيح». ومن هذا المنطلق، عنونت صحيفة «جوان» الإصلاحية، أمس، بأن «إيران تلوّح باحتمال وقف تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بعد ادّعاءات مديرها المسيّسة». واعتبرت الصحيفة أن إعلان الوكالة الأخير «جاء لإضعاف موقف إيران في الأمتار الأخيرة من محادثات فيينا». من جهتها، ذكرت صحيفة «ايران» الإصلاحية أن «مندوب البلاد في الوكالة الدولية للطاقة الذرية يحثّ مديرها العام على تفادي تسييس مواقفها»، مضيفة أن «المفاوضات ما قبل الأخيرة، والإفراج عن الأموال وبيع النفط، قادمة». وجاء في صحيفة «أبرار» المحافظة أن «الوزير (محمد جواد) ظريف يردّ على ادعاءات (وزير الخارجية الأميركي أنتوني) بلينكن، بأن إيران ملتزمة تماماً بالاتفاق النووي». وفي اتجاه مماثل، لفتت عناوين صحف «كيهان» و»استقلال» و»قدس» و»رسالت» و»عصر إيرانيان»، إلى تطلُّع الشعب الإيراني إلى نتائج محادثات فيينا لتحقيق الانفراج الاقتصادي. ولكن مع ذلك، أكدت صحيفة «زود أفتاب» الإصلاحية، في صفحتها الأولى، أن «لا اتفاق نهائياً في عهد الحكومة الحالية، والجولة السادسة لن تخلص إلى اتفاق واضح».
قد يتوجّه ظريف إلى فيينا في الأيام المقبلة لوضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق العتيد


إزاء ذلك، يعتقد خبير العلاقات الدولية، حسن زاده، في حديث إلى «الأخبار»، أن «الجولة، اليوم، ستكون حاسمة، ولكنها بالتأكيد ليست الأخيرة». ويشير إلى أن «من المتوقّع توجّه وزير الخارجية، محمد جواد ظريف، إلى فيينا، في الأيام القليلة المقبلة، لوضع اللمسات الأخيرة وحسم الأمور قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة، وانتهاء ولاية الحكومة الحالية في العشرين من الشهر الحالي». ويضيف زاده أن «الشارع الإيراني يترقّب عودة ظريف بإنجاز يحسّن الوضع المعيشي في إيران، بعد رفع العقوبات الاقتصادية المتوقّع»، موضحاً «الجولة ستشهد رفع حوالى 600 عقوبة اقتصادية وتجارية من الطرف الأميركي، إضافة إلى رفع أيّ حظر عن الاتفاقات الثنائية التي تجريها إيران مع بقية الدول». ويلفت إلى أن «الشارع الأميركي، وكذلك الإيراني، ينتظر نهاية سعيدة للمفاوضات، خلال أسبوعين، قبل الانتخابات الرئاسية في إيران». ويرى زاده أن «الإدارة الأميركية ستجتهد في ذلك، لما يمكن أن ينعكس إيجاباً على الانتخابات».
أمّا في خصوص النقاط العالقة في مسودة الاتفاق، التي باتت جاهزة بحسب زاده، فـ»هناك نقطتان أساسيتان، الأولى تتعلّق بإنتاج الصواريخ الباليستية ودعم حركات المقاومة في المنطقة، الأمر الذي ترفض إيران رفضاً قاطعاً التطرّق إليه، تحت عنوان حقّ الشعوب في الدفاع عن نفسها، خصوصاً المستضعفة منها، وخلق معادلات الردع». أمّا النقطة الثانية، فهي «حصول إيران على ضمانات تؤكّد أن الإدارة الأميركية ستلتزم بالرفع التدريجي للعقوبات، على أن تبدأ بالاقتصادية منها، عبر رفع الحظر عن بيع النفط الإيراني وتصديره، لتنتقل إلى بقية الالتزامات، بعدما قدّمت إيران تنازلاً يعكس حسن النوايا، تَمثّل في التراجع عن فكرة المطالبة برفع العقوبات كافّة كحزمة واحدة». وفي هذا الإطار، يختم زاده حديثه بالإعراب عن تخوّفه من مناورات أميركية جديدة على أعتاب الانتخابات الرئاسية الإيرانية، عبر إعطاء تطمينات وهمية، بغية تحقيق أهداف معيّنة، ومن ثمّ الالتفاف على الالتزامات. إلّا أنه يؤكد أن «الإدارة الإيرانية، هذه المرّة، جاهزة لمثل هذه التصرّفات، من خلال التمسّك إمّا برفع العقوبات كافّة، أو انتزاع ضمانات حاسمة للالتزامات الأميركية، قبل إنهاء المفاوضات وإعلان العودة إلى الاتفاق».