بغداد | انقضى عامٌ على «جريمة المطار»، التي استهدفت «قائدي النصر» قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، من دون أن يُكشف عن الجهات المتعاونة مع الإدارة الأميركية في تنفيذ جريمتها. واشنطن تبنّت في الثالث من كانون الثاني/ يناير الماضي عملية اغتيال القائدين، في هجومٍ أكّد رئيسها، دونالد ترامب، أنه نُفّذ بواسطة طائرة مسيّرة، بينما وصفته إيران بـ«إرهاب الدولة»، متوعدةً بالانتقام. عادت طهران لتفي بوعدها في الثامن من ذاك الشهر، عبر شنّ هجوم صاروخيّ استهدف «قاعدة عين الأسد الجويّة»، في محافظة الأنبار (غرب العراق)، والتي تضم نحو 1500 جندي أميركي.أما في بغداد، ومباشرةً بعد الجريمة، فقد سارعت «كتائب حزب الله - العراق» إلى اتهام رئيس جهاز الاستخبارات حينها، مصطفى الكاظمي، بالتعاون مع الأميركيين، لتعود وتعلن في أواخر نيسان/ أبريل الماضي، عن اتفاقها معه (إبّان فترة تكليفه بتأليف الحكومة) على تأليف لجنةٍ مشتركة للتحقيق في جريمة الاغتيال. لغاية الآن، لم يُكشف عن تفاصيل التحقيقات. لكن مصادر متابعة لفتت، في حديثها إلى «الأخبار»، إلى أن رئيس مجلس القضاء الأعلى، القاضي فائق زيدان، تحدّث عن «ضغوط كبيرة تُمارس على القضاء من قِبَل بعض قادة البيت الشيعي (من دون أن يسمّيهم)، لعرقلة كشف نتائج التحقيقات، فضلاً عن ضغوط حكوميّة تُمارَس على القضاء للغرض نفسه، وذلك استجابة لتوصيات أميركية».
ترجّح المصادر أن يكشف رئيس مجلس القضاء الأعلى عن نتائج التحقيقات في الفترة المقبلة


بدورها، طالبت «لجنة الأمن والدفاع» البرلمانية الكاظمي بكشف نتائج التحقيقات، خصوصاً أنه مرّ على حادثة الاغتيال عامٌ كامل، معتبرةً أن "عدم كشفها يؤكد وجود ضغوط أميركيّة". في هذا الوقت، أشار العضو في اللجنة، كريم عليوي، إلى أن «التباطؤ الحكومي في كشف نتائج التحقيقات يثير شبهات حول وجود صلة لها بهذه الحادثة، ولهذا عليه (أي الكاظمي) تبرئة نفسه بكشف تلك النتائج بشكل مهني وشفاف». وفي معلومات خاصّة سرّبتها المصادر إلى «الأخبار»، فإن اللجنة في صدد إعداد لائحة اتهامٍ بحق أكثر من 40 شخصاً (عراقيين وأجانب)، بعدما توصّلت إلى قرائن تُثبت تورطهم. قائمةٌ تضم إلى ترامب أفراداً عراقيين، «ممّن أوصلوا معلوماتٍ إلى غرفة العمليات التي شكّلتها الولايات المتحدة لاستهداف القادة الشهداء»، فيما رجّحت المصادر أن «يكشف رئيس مجلس القضاء الأعلى عن نتائج التحقيقات في الفترة المقبلة، التي تسبق الانتخابات التشريعية المبكرة المقرر إجراؤها في حزيران/ يونيو 2021».
اللافت أيضاً، في هذا السياق، ما كشفه الشريط الوثائقي «الرحلة الأخيرة» (إعداد الزميل أشرف كريم/ قناة "العهد")، من معلومات وشهادات، أشارت إلى تورّط عدد من الضباط والمنتسبين لأحد الأجهزة الأمنية، إضافةً إلى شركة أمنية بريطانية (تعمل في مطار بغداد الدولي)، وعدد آخر من المتعاونين، في «جريمة المطار». القضاء الإيراني تابع بدوره ما نُشر في الوثائقي، إذ أعلنت «محكمة الحقوق الدولية» الإيرانية، اعتمادها الفيلم كـ«وثيقة رئيسة في التحقيقات الخاصة بجريمة اغتيال قادة النصر». وقال عباس كد خدائي، الناطق باسم السلطة القضائية الإيرانية، إن «المحكمة في إيران اعتمدت وثائقي الرحلة الأخيرة من بين المستندات التي دخلت مراحل التحقيق كوثيقة رسمية»، في وقت أكّد فيه عضو «محكمة الحقوق الدولية»، هيبت الله نجندي منش، أن «المستند الذي بثّته القناة وصل إلى مقامات القضاء الإيراني، لأن فيه معلومات جيدة و جديدة ورؤوس خيوط مهمة تساعد في إثبات حقائق ومعلومات تمكن من الوصول إلى العوامل والأشخاص الذين كانت لهم يد في جريمة المطار». أما «مديرية الإعلام» في «الحشد الشعبي»، فقد أنتجت شريطاً مماثلاً بعنوان «الساعة الأخيرة»، إلّا أنها فضّلت «توصيف الجريمة، مع التلميح إلى وجود متورطين شاركوا، وبشكل مباشر، في الجريمة»، من دون أن تشير إلى انتمائهم العملي، نظراً إلى موقع «الحشد» كواحدٍ من مكوّنات «العمليات المشتركة».