قابل محتجّو حركة «السترات الصفراء» «الإصلاحات» الاقتصادية التي أعلنها الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، مساء أمس، بتحفّظ شديد. فبينما سخرت المعارضة السياسية، من أقصى اليمين وأقصى اليسار، من التدابير التي أعلنها ماكرون، رأى العديد من المنضوين في الحركة الاحتجاجية في «بادرة» الرئيس دليلاً على عدم اكتراث السلطة بالمحتجّين. وبرغم مسعى الحكومة، اليوم، لإقناع الفرنسيين بأن التدابير تلك تستجيب لمطالب «السترات الصفراء»، أعلنت الحركة عن خيبة أملها من خطابه «غير المقنع»، وعزمها على مواصلة التعبئة في العاصمة باريس ومدن أخرى حتى تلبية مطالبها. وهي مطالب تضم قائمة بـ40 بنداً تمّ إرسالها، في وقتٍ سابق، إلى وسائل إعلام محلية. بعد إنهاء ماكرون كلمته أمس، أعلن العديد من المحتجّين عزمهم على الاستمرار في قطع الطرقات وإقامة السواتر، لا سيما عند المستديرات، ودعوا إلى «فصلٍ خامس» من التعبئة يوم السبت المقبل في جميع أنحاء فرنسا، ليكون خامس يوم سبت على التوالي يشهد تحرّكات على المستوى الوطني، منذ انطلاق الحركة في 17 تشرين الثاني/نوفمبر.
في مقلبٍ آخر، كان لكلمة الرئيس وقع متباين جداً بين المحتجين. إذ دعت جاكلين موروه، وهي من وجوه حركة «السترات الصفراء»، وتنحدر من منطقة بروتانيه، إلى «هدنة»، مثنيةً على «تقدّم وباب مفتوح» من جانب السلطة. لكن المحتجين في عدة نقاط تجمُّع، أعلنوا أنهم «غير راضين» عن موقف الرئيس؛ وقال بيار غايل لوفيدير في مونسو ليه مين، شرق البلاد، إن «ماكرون لم يُحسِن فهم ما يجري». كذلك، كانت ردود فعل النقابات الأولية شديدة الانتقاد لخطاب ماكرون، ورأت الكونفدرالية العامة للعمل «سي.جي.تي» أن الأخير «لم يفهم شيئاً عن الغضب الذي يتم التعبير عنه».

فيليب «يفصّل» نموذجاً إصلاحياً مُلتبساً
قرار الحركة يأتي بينما يترقّب الفرنسيون، اليوم، كلمة سيلقيها رئيس الوزراء، إدوار فيليب، أمام مجلس النواب، من المقرر أن يفصّل فيها الإجراءات التي كشف عنها ماكرون؛ إذ إن أغلبها بقي ملتبساً ولم يشمل العاطلين من العمل، ولا الموظفين بدوام جزئي، ولا المتقاعدين ولا الطلّاب. كما تترقب السلطات الفرنسية توجهات الرأي العام التي تعتبر أساسية لمسار الأزمة، في ظل تحركات احتجاجية تجمع العديد من الفئات الاجتماعية والمطالب.
وسيرسم إدوار فيليب، أمام الجمعية الوطنية، معالم التدابير الاجتماعية الرئيسية التي عددها الرئيس: زيادة الحد الأدنى للأجور بمئة يورو، إعفاء المتقاعدين الذين تقلّ معاشاتهم التقاعدية عن ألفي يورو في الشهر من الضريبة المعروفة بـ«المساهمة الاجتماعية المعمّمة» (سي إس جي) التي تصب في تمويل الضمان الاجتماعي، وإعفاء ساعات العمل الإضافية من الضرائب. غير أنه ما زال يتحتم توضيح عناصر عديدة: تحديد المعنيين بكلّ التدابير، وتاريخ بدء تطبيقها وسُبل تمويلها.