جاءت نتائج انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأميركي كما كانت متوقعة، فقد حقّق الديموقراطيون انتصاراً بانتزاعهم السيطرة على مجلس النواب، غير أن «الموجة الزرقاء» المرتقبة ضد الرئيس الأميركي دونالد ترامب لم تحصل. واحتفظ الجمهوريون بغالبيتهم في مجلس الشيوخ، ما أتاح لترامب الإعلان عن «نجاح هائل»، بدون أن يأتي على ذكر خسارة حزبه مجلس النواب.وغالباً ما تكون انتخابات منتصف الولاية الرئاسية لغير صالح حزب الرئيس، لكن خسارة مجلس النواب على الرغم من المؤشرات الاقتصادية الممتازة، تشكل انتكاسة شخصية لترامب، الذي يعتبره في الوقت ذاته انتصاراً بعدما جعل من هذا الاقتراع استفتاء حقيقياً على شخصه. ومن هذا المنطلق، حرص الرئيس، الذي أثبت حتى الآن مهارة سياسية، في الأيام الأخيرة، على الإشارة إلى أن الحملة المكثفة التي خاضها دعماً لحزبه اقتصرت على المرشحين لمجلس الشيوخ، لعدم توافر الوقت الضروري لدعم المرشحين لمجلس النواب وعددهم كبير. واتصل ترامب برئيس الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، ليهّنئه «على التقدم التاريخي» في هذا المجلس، حيث عزّز الجمهوريون غالبيتهم، بحسب ما أفادت المتحدثة باسمه ساره ساندرز.

«سئمنا الانقسامات»!
وكانت الخريطة الانتخابية القائمة هذه السنة لصالح الجمهوريين، إذ إن ثلث مقاعد مجلس الشيوخ المطروحة للتجديد تتعلق بولايات ذات غالبية محافظة. وسيكبّل الانتصار الديموقراطي عمل الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة، في النصف الثاني من ولايته حتى عام 2021. وفي السياق، تعهّدت زعيمة الديموقراطيين في مجلس النواب نانسي بيلوسي «بترميم الضوابط والمحاسبة التي نص عليها الدستور على إدارة ترامب»، واعدة في المقابل بأن «كونغرس ديموقراطياً سيعمل على حلول تجمعنا، لأننا سئمنا جميعاً الانقسامات».
وبعد عامين على فوز رجل الأعمال المفاجئ بالرئاسة، من دون أن تكون له أي خبرة سياسية أو دبلوماسية، تهافت الأميركيون بكثافة إلى مراكز الاقتراع. واستعاد الديموقراطيون مجلس النواب لأول مرة منذ عام 2010، فيما احتفظ الجمهوريون بغالبيتهم في مجلس الشيوخ، مع احتمال زيادتها بمقعد أو مقعدين، بحسب شبكات التلفزيون الأميركية. وهذا ما سيضع الولايات المتحدة، في كانون الثاني/يناير 2019، أمام كونغرس منقسم على غرار مجتمع يشهد شقاقات عميقة حول شخص ترامب.

بعض السوابق
وقد تضمّنت هذه الانتخابات سوابق عدّة. فأصبحت الديموقراطيتان إلهام عمر ورشيدة طليب، أول مسلمتين تدخلان مجلس النواب عن مينيسوتا وميشيغان على التوالي. وكتبت إلهام عمر، التي دخلت الولايات المتحدة لاجئة من الصومال، في تغريدة على موقع «تويتر»: «انتصرنا معاً. شكراً!»، قبل أن توجّه رسالة إلى رشيدة طليب المولودة في ديترويت في عائلة من المهاجرين الفلسطينيين: «أهنّئ شقيقتي رشيدة طليب على انتصارها! أتطلّع إلى الجلوس معك في مجلس النواب إن شاء الله». كذلك، فازت الديموقراطية من كنساس شاريس ديفيدز المحامية المولعة بالفنون القتالية، لتصبح أول أميركية من السكان الأصليين تدخل الكونغرس بفوزها في منطقة محافظة.
وفي كولورادو (غرباً)، أصبح جارد بوليس أول حاكم ولاية يجاهر بمثليته. أما في تكساس، فلم يتمكن الديموقراطي بيتو أورورك من إحداث مفاجأة كان حزبه يأمل بها، وفاز السيناتور المنتهية ولايته تيد كروز بعد سباق شهد منافسة محتدمة، وقد حصل على دعم من ترامب.