قد تكون تصريحات الرئيس الأميركي، تلك التي نفاها لاحقاً، حول عدم التزام رئيسة الورزاء البريطانية، تيريزا ماي، بنصحيته بشأن «بريكست» صحيحة بعد كل ذلك. هذا ما يمكن استخلاصه من تصريحات ماي الأخيرة، التي تتضمن تأكيداً واضحاً من جهتها بعدم تعرضها لإهانة مباشرة من قبل دونالد ترامب في انتقاده «الصريح» لمشروعها. ففي معرض ردّها على سؤال لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، اليوم، حول النصيحة التي قدمها لها ترامب، قالت ماي: «أبلغني أنه يجب عليّ مقاضاة الاتحاد الأوروبي، وعدم الذهاب للتفاوض معهم بل مقاضاتهم». ويبدو أن أكثر ما جذب انتباه ماي هو ما قاله ترامب لها أيضاً خلال المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقداه، وهو: «لا تبتعدي عن هذه المفاوضات، وإلا ستكونين في مأزق». وفيما يبدو أنه محاولة منها للعمل بنصيحته، قالت رئيسة الوزراء البريطانية: «لذا، فإنني أريد أن نجلس ونتفاوض بشأن أفضل اتفاق بالنسبة إلى بريطانيا».يأتي ذلك بمثابة تكشُّف لطبيعة النصيحة أو المقترح «السري» الذي قدمه ترامب لماي، خلال زيارته إلى لندن، رغم الضغوط التي تعرض لها الأخير، خلال المؤتمر الصحافي، للإفصاح عن مضمونه.
وفي وقتٍ سابق من اليوم، حذّرت تيريزا ماي من احتمال ألا يكون هناك «خروج من الاتحاد الأوروبي على الإطلاق»، بسبب محاولات نواب بريطانيين تقويض خطتها في هذا الصدد. وجاء تحذيرها هذه المرة في مقال كتبته في صحيفة «ميل أون صنداي»، وجهت في سياقه رسالة «بسيطة للبلاد في نهاية هذا الأسبوع»، وهي ضرورة «التركيز بشكلٍ ثابت على جواز المغادرة، لأنه إذا لم نفعل ذلك نخاطر بأن ينتهي بنا الأمر لعدم الخروج من الاتحاد الأوروبي على الإطلاق».


ماي لفتت في مقالها إلى أن بريطانيا ستتخذ موقفاً متشدداً في جولة المفاوضات التالية مع الاتحاد الأوروبي. وقالت إن «بعض الناس يسألون عما إذا كان اتفاق خروجنا من الاتحاد الأوروبي مجرد نقطة بداية لتراجعنا. دعوني أكون واضحة. اتفاق خروجنا من الاتحاد ليس قائمة رغبات طويلة يستطيع المفاوضون الانتقاء منها والاختيار. إنها خطة كاملة متكاملة بمجموعة من النتائج غير القابلة للتفاوض».
وتأتي مواقف رئيسة الوزراء البرطيانية بعدما استقال 3 وزراء في الحكومة، الأسبوع الماضي، احتجاجاً على خطة ماي للتجارة مع الاتحاد الأوروبي بعد حلول موعد «بريكست» من هذا التكتل في 29 آذار/مارس 2019 . وتعرضت خطتها بعد ذلك لانتقاد من قبل الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، خلال مقابلة مع صحيفة «ذي صن» البريطانية، ولكنه تراجع عن موقفه هذا خلال اجتماعه مع ماي يوم الجمعة في لندن.
وكانت ماي قد دافعت قبل ذلك عن خطتها للخروج من الاتحاد الأوروبي، بعد استقالة الوزير المكّلف ملف «بريكست»، ديفيد دايفيس، ووزير الدولة لشؤون «بريكست»، ستفين بايكر، ولاحقاً وزير الخارجية بوريس جونسون. وفي كلمة ألقتها أمام نواب البرلمان، وصفت خطتها، حينذاك، بأنها «الخطة السليمة» التي «تتوافق مع مخرجات البيان الحكومي»، وحثّت الاتحاد الأوروبي على دعمها.


ترامب يتجاوز البروتوكول
في سياقٍ آخر، يبدو أن دونالد ترامب تجاوز البروتوكول الملكي مجدداً، بعد الكشف عن مجريات لقائه الخاص مع الملكة إليزابيث الثانية في قصر وندسور خلال زيارته إلى لندن، والتي نقل عنها قولها إن بريكست «مشكلة معقدة للغاية». وفي مقابلة مع «ميل أون صنداي»، نُشرت اليوم أيضاً، قال ترامب إن الملكة «قالت - وهي محقة في ذلك - إنها مشكلة معقدة للغاية، أعتقد أن لا أحد كان يتخيل كم ستكون معقدة».
في سياقٍ آخر، أعلن الرئيس الأميركي في المقابلة نفسها أنه ينوي الترشح في انتخابات 2020 لأن «الجميع يريدني أن أترشح». وتوقع ألا يتمكن أي مرشح ديموقراطي من هزيمته، قائلاً: «لا أتوقع أحداً. أعرفهم كلهم ولا أرى أحداً منهم».
وبعد حضوره قمة حلف شمال الأطلسي وقيامه بزيارة رسمية لبريطانيا، أمضى ترامب نهاية الأسبوع في اسكتلندا، قبل لقائه مع نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، المقرر يوم غد الاثنين في هلسنكي.