بعد يومين من اتهامها بالعزوف عن القيام «بأي خطوات لوقف تدفق المهاجرين عبر الحدود» الأميركية - المكسيكية، وتهديدها بإلغاء اتفاق التبادل التجاري الحرّ (نافتا)، ردّت المكسيك على تصريحات الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الأخيرة وطالبته بتوضيحات تحديداً في ما يتعلّق بإمكانية نشر الحرس الوطني الأميركي على الحدود مع هذا البلد المجاور. وعلى الفور، أعلن سفير المكسيك في الولايات المتحدة، جيرونيمو غوتيريس، أنه طلب توضيحات من السلطات الأميركية، في حين أكد وزير الخارجية المكسيكي، لويس فيديغاراي، في تغريدة على «تويتر» أن «الحكومة المكسيكية ستقرّر الرد بحسب هذه التوضيحات، وسندافع دائماً عن سيادتنا ومصلحتنا الوطنية».

الحرس الوطني... إلى الحدود
الرد المكسيكي أتى غداة مأدبة الغداء التي جمعت الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، مع قادة دول البلطيق في البيت الأبيض، تلك التي انتهت بدعوة وجّهها الأخير لجيش بلاده بحراسة الحدود مع المكسيك لحين استكمال بناء الجدار الحدودي بين البلدين. ترامب، الذي قال إنه تحدث مع وزير الدفاع، جايمس ماتيس، من أجل القيام ببعض الإجراءات العسكرية على الحدود، تعهد بإجراء ما وصفه بـ«الخطوة الكبيرة». وقال: «لا يمكن لأناس أن يتدفقوا إلى بلادنا بشكلٍ غير قانوني ويختفون، ولا يمثلون أبداً أمام المحكمة»، مطالباً وزراء الدفاع والأمن الداخلي والعدل خصوصاً بـ«استراتيجية صارمة لإدارته من أجل مواجهة هذا التهديد وحماية أمن أميركا».
وفي وقتٍ لاحق، أوضح البيت الأبيض، في بيان، أن الاجتماع، الذي أُجري للبحث في استراتيجية إدارة ترامب «التي تشمل تعبئة الحرس الوطني»، يأتي بعدما أُبلغ الأسبوع الماضي من قبل مسؤولين كبار في إدارته «بتدفق متزايد لمهاجرين بطريقة غير مشروعة والمخدرات وأفراد عنيفين في عصابات قادمة من أميركا الوسطى».
وبطبيعة الحال، فإن تصريحات ترامب غير المفاجئة كان قد سبقها تغريدات عدة، شنّ خلالها هجوماً حاداً على المكسيك والديموقراطيين والكونغرس الأميركي بسبب مشاهد أظهرت مئات المهاجرين المتوجهين سيراً إلى حدود الولايات المتحدة. وفي واحدة من التغريدات، هدّد بإلغاء اتفاق «نافتا» للتبادل الحرّ بين المكسيك وكندا والولايات المتحدة، وطالب الكونغرس بتشديد قوانين الهجرة ودعم خطته المتعلقة ببناء جدار كبير على طول الحدود المكسيكية.
كما أعلن أنه لن يؤيد بعد الآن خطة بديلة لبرنامج «داكا»، الذي يقدم الحماية من الترحيل لنحو 700 ألف مهاجر لا يحملون أوراقاً قانونية، معظمهم من المكسيكيين الذين وصلوا إلى الولايات المتحدة عندما كانوا أطفالاً.
في هذا السياق، اتهم ترامب الرئيس السابق، باراك أوباما، بأنه «أجرى تغييرات أدت بكل بساطة إلى عدم وجود الحدود»، من دون أن يوضح ما يعنيه..
أعضاء من الحرس الوطني عند الحدود الأميركية المكسيكية في عام 2006 (عن الويب)

ترامب ينتهك قانون 1878؟
عام 2010، تدخّل الحرس الوطني، الذي يشكل جزءاً من مكونات احتياطي القوات المسلحة الأميركية، على الحدود بأمرٍ من أوباما، وكذلك بين 2006 و2008 في عهد الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش. وهي تدخلات «استثنائية» جرت في حالات طارئة، نذكر منها اندلاع أكثر من 20 حريقاً في غابات شمال ولاية كاليفورنيا. ولأن القانون الذي يعود إلى عام 1878 ينص على أن الجيش الأميركي لا يمكنه، بشكلٍ عام، التدخل على الأرض الأميركية بهدف حفظ النظام أو تطبيق قوانين، قد يواجه إجراء ترامب انتقادات حادة لناحية تعارضه مع ما ينص عليه القانون، الذي يلزم الحرس بأداء دور «مساعدة ودعم» فقط خصوصاً لمراقبة الحدود. وهي الانتقادات التي طاولت أوباما أيضاً عام 2014، حين أمر حاكم ولاية ميسوري، جاي نيكسون، بنشر قوات الحرس الوطني في مدينة فيرغسون، التي شهدت حينها اضطرابات وتظاهرات احتجاجاً على مقتل مراهق من أصول أفريقية (مايكل براون) على أيدي قوات الأمن. وهو الإجراء الذي أثار حينذاك موجة غضب عارمة لتعارضه مع الأصول القانونية التي لا تبيح تدخل الحرس الوطني لفضّ أعمال الشغب.