هكذا تواسي الضفة الغربية قطاع غزة. يخرج المتظاهرون بالآلاف، يهتفون ضد العدوان الإسرائيلي، يشتبكون مع قوات الاحتلال، يسقط عدد من الجرحى وأحياناً يستشهد البعض. جسّد يوم أمس هذه الحلقة. خرج فلسطينيّو الضفة في مسيرات منددة بالعدوان الإسرائيلي، فسقط شهيد في الخليل. وبالتوازي، كانت المفاجأة.فللمرة الأولى منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، أعلنت حركة «فتح» من رام اللّه في الضفة الغربية، دعمها للمقاومة من دون أن تسميها. هذا الدعم غير المسبوق، جاء خلال تظاهرة موحدة، ضمت مختلف الفصائل الفلسطينية، الوطنية والإسلامية، هتفوا خلالها ضد القمم العربية.
وفي سابقة، وزعت «فتح» بياناً خلال التظاهرة، أعلنت فيه وقوفها إلى جانب المقاومة الفلسطينية، من دون أن تذكر «حماس» بصورة مباشرة. وعلى عكس التظاهرات التي جرت خلال الأسبوعين الماضيين، وقف رجال اللأمن على مسافة بعيدة من التظاهرة، من دون أن يعتقلوا أحداً. ونظمت التظاهرة على بعد أمتار من الاجتماع الذي ضم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون.
في هذا الوقت، تجسد يوم «الغضب» الجديد، الذي دعت إليه حركة «حماس» في باقي مناطق الضفة الغربية، بعدما فاق شهداء قطاع غزة، الألف شهيداً. إلّا أن الاحتلال، رفض مجدداً السماح لأهالي الضفة بالاحتجاج ضد مجازره، ليضيف شهيداً جديداً إلى السجلات الفلسطينية المليئة بالدماء.
ودارت اشتباكات عنيفة بين شبان فلسطينيّين وجنود الاحتلال الإسرائيلي، في مناطق مختلفة من مدن الضفة، خلال مسيرات تضامنية مع قطاع غزة. وفي حي أبو سنينة في الخليل، جنوب الضفة، استشهد مصعب دعنا (15 عاماً)، وأصيب 15 آخرون، بعد مواجهات دارت بين الشبان والجنود الإسرائيليين، الذين أطلقوا الرصاص الحي وقنابل الغاز والصوت.
وتحولت الخليل إلى منطقة مغلقة عقب إعلان السلطة الفلسطينية عدم السماح لـ «حماس» بتنظيم مسيرات تضامنية مع قطاع غزة، سبقه فرض الجيش الإسرائيلي إغلاقاً تاماً على الضفة الغربية لمدة 48 ساعة، بدأ من منتصف ليل أول من أمس.
كما خرجت مسيرة مركزية غاضبة في مدينة طولكرم شمال الضفة، بدعوة من فصائل العمل الوطني، تنديداً بالعدوان المستمر على قطاع غزة. وفي قرية نزلة عيسى شمال المدينة، دارت مواجهات بالحجارة بين جنود الاحتلال وعدد من الشبان.
وإلى قرية بعلين، جرح ثلاثة شبان برصاص حي أطلقه الجيش الإسرائيلي باتجاه متظاهرين حاولوا الاقتراب من الأسلاك الشائكة. وقال شهود عيان إن «المتظاهرين حملوا رايات الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية، ووضعوا في أفواههم أحذية ملفوفة بالعلمين الأميركي والإسرائيلي».
وقال منسق اللجنة الشعبية لمواجهة الجدار في بلعين، عبد الله أبو رحمة، إن «ما قام به المتظاهرون هو تعبير عن قيام أميركا وإسرائيل بإغلاق أفواه هذه المؤسسات العربية والدولية تجاه ما يجري في غزة».
أما في قرية نعلين القريبة، فقد أصيب أحد عشر فلسطينياً بالأعيرة المطاطية. وقالت مصادر أمنية فلسطينية إن «خمسة شبان أصيبوا بالعيارات المطاطية، وواحد بعيار ناري في رجله»، خلال تظاهرة وقعت بالقرب من حاجز قلنديا الذي يفصل بين مدينتي رام الله والقدس المحتلة.
وككلّ يوم جمعة، وُضعت الشرطة الإسرائيلية في القدس المحتلة في حال الاستنفار، بسبب مخاطر نشوب مواجهات مع الفلسطينيين في «يوم الغضب» الثالث. وقالت الإذاعة الإسرائيلية إنه «لن يسمح إلا للرجال في سن الخامسة والأربعين وما فوق من حاملي بطاقات الهوية الزرقاء، بدخول الحرم المقدسي، لن تفرض أي قيود على دخول النساء»، مضيفة إلى «وجود إنذارات لتنفيذ عمليات داخل إسرائيل».
وعند باب العمود، أحد مداخل القدس القديمة، حاولت النساء التظاهر بعد الصلاة في الحرم الإبراهيمي، لكن الشرطة المنتشرة بأعداد كثيفة، قامت بتفريقهن.
واندلعت صدامات في القدس الشرقية بين فلسطينيين ملثمين رفعوا أعلام «حماس»، وقوات الأمن الإسرائيلية.
وفي بلدة عرعرة في جنوب إسرائيل، تظاهر الآلاف من فلسطينيي 48، رافعين «الأعلام الفلسطينية ورايات حماس الخضراء، فيما غطى كثيرون وجوههم بالكوفيات وردّدوا شعارات مناهضة لإسرائيل».
وهتف المتظاهرون «بالروح بالدم نفديك يا فلسطين» و«بالروح بالدم نفديك يا حماس»، و«عرب القمة عار عار»...
(الأخبار، معا، أ ف ب، يو بي آي)