القامشلي | ارتفعت حدّة المعارك في الايام القليلة الماضية بين «وحدات حماية الشعب» الكردية (YPG) وتنظيم «دولة الاسلام في العراق والشام» (داعش)، ولا سيّما بعد سيطرة الأكراد على معبر اليعربية (تل كوجر) الاستراتيجي الاسبوع الماضي. ومع إحكام «الوحدات» السيطرة على مدينة اليعربية الحدودية في جنوب محافظة الحسكة، اتسعت رقعة المعارك، لتشمل معظم أجزاء الريف الشمالي والغربي. وباتت منطقة رأس العين (سري كانيه)، مدينة وريفاً، في قبضة «الوحدات» بعد سيطرتها على 23 قرية، إضافة إلى بلدة تل حلف الاستراتيجية، بعد أربعة أيام من المعارك العنيفة مع «داعش» و«جبهة النصرة» والقوى المتحالفة معهما. ودخل المقاتلون الأكراد الكثير من هذه القرى من دون مقاومة، فيما أبدى مقاتلو الكتائب المسلحة مقاومة في معاقلهم الرئيسية، وخصوصاً بلد تل حلف الأثرية ومواقع أصفر نجار ومشرافة والمناجير.
ويوم أمس، تناقل مناصرو «الدولة»، بأسى، خبر انسحاب المقاتلين من مدينة رأس العين، مستغربين عدم حصول اي مقاومة من قبلهم، لتندلع الاشتباكات بين الجماعات المقاتلة في ما بينها في كل من تل عرن وتل حاصل التي شهدت أمس أيضاً اشتباكات عنيفة بين الجيش السوري ومسلحي المعارضة.
إلى ذلك، أعلن الناطق الرسمي باسم «وحدات الحماية» ريدودر خليل انسحاب المئات من المقاتلين المتشددين من منطقة رأس العين في اتجاه بلدة مبروكة وريف الرقة، وهي أحد أكبر تجمعات التنظيمات المتشددة. وأوضح خليل لـ«الأخبار» أن «ثلاثة من مقاتلي الوحدات قضوا في المعارك الأخيرة، فيما سقط عدد كبير من المقاتلين المتشددين خلال المعارك»، مضيفاً أن «وحدات الحماية استولت على اسلحة ثقيلة ومتوسطة».
وبذلك لم يبق للكتائب الإسلامية سوى ثلاث بلدات في ريف الحسكة (تل حميس والشدادي والهول)، في ظل تهديدات من كتائب إسلامية في محافظتي الرقة ودير الزور بالعمل على استعادة ما خسرته خلال الفترة الفائتة في الحسكة. واللافت أنه فور إعلان «الوحدات الكردية» سيطرتها على معبر اليعربية الحدودي، نهاية الشهر الفائت، استنفرت «حركة أحرار الشام الإسلامية» قواتها على جبهات تل أبيض في الرقة وعفرين في حلب، وأعلنت «بدء معركة تطهير مدينة رأس العين». ويبدو أن هدف المعركة المفترضة لم يكن رأس العين»، بقل إبعاد خطر (YPG) عن مناطق نفوذها في ريف الرقة، وتخوفها من أن تكون مدينة تل أبيض الحدودية مع تركيا، الهدف التالي للمقاتلين الأكراد، إذ تتقاسم الحركة الإسلامية المدينة مع كتائب تابعة لـ«داعش».
ونفى خليل وجود «نية لتنفيذ عمليات واسعة في تل أبيض خلال الفترة القريبة المقبلة»، مشيراً إلى أن الوحدات «تحاول التركيز على ريف الحسكة في الوقت الراهن». ولفت مصدر عسكري كردي إلى أن «اتساع جبهة ريف الرقة الشمالي تتوقف على ردة فعل الكتائب هناك».
ودارت ليل أول من أمس اشتباكات بين مقاتلي «داعش» و«النصرة» والكتائب المقاتلة من جهة، وبين المقاتلين الأكراد، الذين نفذوا عملية ضد مقارّ «داعش» قرب قرى بير كنو وملوح القمر وسوسك في الريف الغربي لمدينة تل أبيض.
ويتوقع أن يعود التوتر إلى معظم مناطق الشريط الحدودي مع تركيا في حال تصاعُد حدّة المعارك في تل أبيض، لتشتعل بذلك الجبهة الساكنة في ريفي كوباني وجرابلس (ريف حلب). وتجدر الإشارة إلى أن مقاتلي«داعش» يسيطرون على كامل مدينة جرابلس التي يسكنها أكراد وعرب وتركمان. ومنذ نحو أسبوعين، تشهد قرى منطقة عفرين (ريف حلب) معارك عنيفة بين «الوحدات الكردية» وفصائل أخرى، أبرزها «لواء التوحيد» و«حركة أحرار الشام الإسلامية» و«داعش» و«جيش محمد». وسيطرت الفصائل الإسلامية على قرية جلبري أخيراً، قبل أن يستعيدها المقاتلون الأكراد في معارك كلّفت الطرفين خسائر بشرية، فيما لا تزال قرية الزيارة تشهد مواجهات بين الطرفين. في موازاة ذلك، استمر الجيش السوري في ملاحقة المسلحين في القرى التابعة لمدينة السفيرة على أطراف قريتي تل عرن وتل حاصل في الريف الجنوبي الشرقي.