يترافق الجمود في «المبادرة العربية» مع جمود مستمر في مسار «اللجنة الدستورية» الأممي
والجدير ذكره، هنا، أن «لجنة الاتصال العربية»، التي جرى تشكيلها في السابع من شهر أيار من العام الماضي، تضم، إلى جانب دمشق، كلاً من الأردن والسعودية والعراق ولبنان ومصر والأمين العام لـ«جامعة الدول العربية»، وينص قرار إنشائها على أن مهمتها «استمرار الحوار المباشر مع الحكومة السورية للتوصل إلى حل سياسي شامل في البلاد، واتخاذ خطوات عملية وفاعلة للتدرج نحو حل الأزمة، وفق مبدأ خطوة مقابل خطوة وبما ينسجم مع قرار مجلس الأمن 2254». أيضاً، يبرز من بين مهامها، مراقبة نتائج اللقاء الوزاري الذي استضافته العاصمة الأردنية عمّان، مطلع شهر أيار من العام الماضي، والذي تضمّن الاتفاق على فتح الباب أمام العودة الطوعية والآمنة للاجئين السوريين إلى بلدهم، كونها «أولوية قصوى ويجب اتخاذ الخطوات اللازمة للبدء في تنفيذها فوراً»، وذلك عبر «تعزيز التعاون بين سوريا والدول المضيفة للاجئين بالتنسيق مع الأمم المتحدة لتنظيم عمليات عودة طوعية وآمنة للاجئين وإنهاء معاناتهم، وفق إجراءات محددة وإطار زمني واضح». كما تهدف اللجنة إلى إنشاء صيغة مشتركة لمكافحة المخدّرات وشبكات تهريبها، ودعم سوريا ومؤسساتها في أي جهود مشروعة لبسط سيطرتها على أراضيها وفرض سيادة القانون، وإنهاء وجود الجماعات المسلحة ووقف التدخلات الخارجية في شؤونها الداخلية.
غير أن اللجنة، ومنذ تشكيلها، لم تعقد إلا اجتماعاً واحداً استضافته القاهرة، في شهر آب من العام الماضي، من دون الإعلان عن نتائج واضحة في ظل استمرار الضغوط الأميركية لإفشال هذه المبادرة عبر كل السبل المتاحة، بما فيها الضغوط السياسية على الدول المستضيفة للاجئين، ودعم دعاية مدروسة للتشويش على عمليات العودة الطوعية لهم، والتي بدأها لبنان فعلاً، عبر تسيير عدد من الرحلات، قبل أن يتوقف في ظل استمرار الضغوط، بالرغم من مشاركة وإشراف منظمات «الأمم المتحدة» في تنظيم تلك الرحلات. ويترافق الجمود في «المبادرة العربية» مع جمود مستمر في مسار «اللجنة الدستورية» الأممي، في ظل فشل المبعوث الأممي إلى سوريا في تجاوز المشكلة التي تسببت بتوقف اجتماعات اللجنة، عام 2022، على خلفية اعتراض دمشق وموسكو على مكان انعقادها (جنيف)، بعد تخلي سويسرا عن حياديتها وانضمامها إلى الولايات المتحدة والدول الغربية في فرض عقوبات على روسيا. وبالتوازي، يشهد مسار «أستانا» الروسي تحركات خجولة، إثر فشل الجهود الروسيّة - الإيرانية في الدفع نحو إعادة العلاقات بين دمشق وأنقرة، بسبب رفض الأخيرة وضع جدول زمني واضح لسحب قواتها من الأراضي السورية، وتمسك دمشق بهذه النقطة باعتبارها تمثّل الهدف الأساسي من أي حوار مع تركيا.