في أوّل زيارة لأرفع مسؤول عسكري منذ التدخّل الأميركي البرّي في سوريا عام 2014، حطّ مارك ميلي في قاعدة التنف قادماً من تل أبيب، في محطّة حملت رسائل متعدّدة في اتّجاهات مختلفة، خصوصاً في ظلّ حيثيّات أكثر تعقيداً باتت تُواجه الوجود الأميركي في ذلك البلد. وعلى هذا المستوى بالذات، جاءت الزيارة في ظلّ تصاعد غير مسبوق في الهجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة على القواعد الأميركية، أثار قلق واشنطن من موجة مقاومة أكبر وأكثر نوعيّة قد تؤدّي إلى تداعيات لن يتقبّلها الداخل الأميركي برحابة صدر، خصوصاً مع تزايد الأصوات الداعية إلى الانسحاب من سوريا. وإذ رمت الخطوة، كذلك، إلى تأكيد التساوق التامّ مع أهداف دولة الاحتلال التي لطالما اتّخذت من «التنف» منطلقاً لمهاجمة مواقع على الساحة السورية، فهي أتت أيضاً في ظلّ حَراك ديبلوماسي وسياسي وميداني تقوده واشنطن من أجل تصعيد الضغوط على دمشق، وعرقلة الانفتاح العربي عليها، وبالتالي منع إحداث أيّ خرق في المشهد الذي تريد أميركا تجميده عند حدود ما آل إليه، إن لم يكن ممكناً دفْعه أكثر نحو ما يوائم مصالحها