مرة أخرى يرتكب التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، مجزرة بحقّ المدنيين السوريين من أهالي المناطق التي يسيطر عليها تنظيم «داعش»، وذلك بحجة قتال التنظيم الإرهابي. وبعدما اعترف في وقت سابق، بأنّ ضرباته الجوية التي شنّها على مواقع «المسلحين» في سوريا والعراق، منذ صيف عام 2014 حتى منتصف العام الحالي، أسفرت عن مقتل 892 مدنياً على الأقل، ها هو «التحالف» يرتكب مجزرة جديدة تضاف إلى سجل طويل من المجازر التي ارتكبتها طائراته في عدد من دول العالم.بعد منتصف الليلة الماضية، أغارت طائرات التحالف على منازل في ريف مدينة البوكمال في محافظة دير الزور، ما تسبب بوقوع مجزرة مروّعة، استشهد وأصيب فيها العشرات من المدنيين، ودمرت العديد من المنازل. ونقل مراسل الوكالة السورية «سانا»، عن مصادر أهلية قولها إنّ «بلدتي الباغوز فوقاني والسوسة على الضفة الشرقية لنهر الفرات بريف مدينة البوكمال تعرّضتا بعد منتصف الليلة لقصف جوي عنيف من طائرات التحالف الأميركي تسببتا باستشهاد أكثر من 30 مدنياً وجرح العشرات، غالبيتهم من الأطفال والنساء». ولفتت المصادر، بحسب «سانا»، إلى أن عدد الشهداء مرشح للزيادة بسبب الحالات الحرجة لمعظم الجرحى ولصعوبة إخلائهم من تحت الأنقاض بسبب القصف المتواصل على البلدتين. بدوره، أكّد المرصد السوري المعارض، «وقوع المجزرة»، مضيفاً أنّ عدد الذين قتلوا «ارتفع إلى 54 بينهم مدنيون ومسلحون من تنظيم داعش»، بحسب تعبيره.

وقال المتحدث باسم «التحالف»، الكولونيل شون راين، لـ«رويترز» إن قواته أو «قوات شريكة له» ربّما نفّذت ضربات في محيط السوسة والباغوز فوقاني أمس. وأضاف أنه «تم رفع التقرير المتعلّق بسقوط ضحايا مدنيين إلى خلية متابعة الضحايا المدنيين من أجل مزيد من التقييم».
وبينت مصادر «سانا»، أن عدوان التحالف ألحق دماراً كبيراً في البلدتين حيث انهارت عشرات المنازل السكنية على رؤوس قاطنيها، مؤكدة أن «مزاعم التحالف باستهداف إرهابيي (داعش) بالغارات كاذبة»، وأن «الغارات تهدف إلى الضغط على الأهالي الرافضين لدخول ميليشيا (قسد) المدعومة من واشنطن إلى بلداتهم».

من ناحية أخرى، قال مستشار المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، ومبعوثه الخاص إلى روسيا، علي أكبر ولايتي، إنّ «الوجود العسكري الإيراني في سوريا والعراق يقتصر على الدور الاستشاري»، مؤكداً استعداد بلاده لسحب مستشاريها إذا طلبت دمشق وبغداد ذلك. وأضاف ولايتي، أن الذين يقولون إن روسيا تريد من إيران الخروج من سوريا، «هدفهم ضرب الوحدة القائمة بين موسكو وطهران». كما أوضح المسؤول الإيراني، أنه «إذا خرجت إيران وروسيا الآن من سوريا، فإن الإرهاب سيعود للسيطرة من جديد». تأتي تصريحات ولايتي بعد يوم من زيارة قام بها إلى موسكو، ونقل خلالها رسالة من المرشد الأعلى السيد علي خامنئي إلى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين.

في مقابل ذلك، طلبت إسرائيل من روسيا إبعاد القوات الإيرانية لمسافة 80 كيلومتراً عن حدودها مع سوريا كإجراء موقت حتى الاستجابة لمطلبها إخراجها بشكل كامل من الأراضي السورية. وبخصوص ذلك، قالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، اليوم الجمعة، إن روسيا ما زالت ترفض هذا الطلب الإسرائيلي. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد اجتمع في العاصمة الروسية موسكو، أول من أمس، مع بوتين، حيث تركز البحث على الملف السوري. وقالت الصحيفة إن «التداعيات العمليّة للمطلب الإسرائيلي هي استهداف أي هدف عسكري إيراني ضمن هذا النطاق، بالإضافة إلى السياسة القائمة لمنع إقامة وجود عسكري إيراني في سوريا وإدخال أسلحة متطورة إلى البلاد».
الصحيفة الإسرائيلية أضافت: «على المدى القريب، سيكمل الأسد عملية السيطرة على مرتفعات الجولان السورية، وتضع إسرائيل بالفعل شروطاً واضحة للغاية بما في ذلك منع التسلل إلى المنطقة العازلة، ومنع دخول الأسلحة الثقيلة، ومنع دخول اللاجئين إلى أراضي إسرائيل». وتابعت الصحيفة بالقول: «من ناحية أخرى، ترى إسرائيل أيضاً في وصول قوات الأسد إلى الجولان فرصة للتنظيم والاستقرار، لأنه من الآن فصاعداً سيكون هناك عنوان واضح على الجانب الآخر لكل انتهاك».