لم يرقَ الاعتداء العسكري الأميركي على سوريا، ليلامس التطلعات الإسرائيلية، وشكّل خيبة أمل مزدوجة للإسرائيليين: خروج الرئيس السوري بشار الأسد ونظامه بصورة المنتصر جرّاء الهجوم الأميركي الذي طالما عمل الإسرائيليون على دفعه قدماً كلّما كان التأييد العسكري والسياسي للأسد من روسيا وإيران يزداد ويتعمّق.وفيما طلب رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، من وزرائه الامتناع عن التعليق، خشية تظهير موقف تل أبيب الرسمي وخيبة الأمل التي منيت بها، تكفّل الإعلام العبري تظهير هذا الموقف والبحث في التداعيات السلبية للهجوم واضراره. بحسب القناة العاشرة العبرية، "الهجوم عزز التحالف الثلاثي بين موسكو وطهران ودمشق، مع تعزيز حكم الأسد ونظامه، إضافة إلى ابتعاد أكثر للجانب الروسي عن الاميركيين"، الأمر الذي يتوقع أن يكون له سلبيات على موقف إسرائيل من أعدائها في الساحة الشمالية، ويحدَ من قدرتها وصدقيتها على الترهيب أساسا، وربما أيضا على هامش حرية العمل التي حظيت بها في السنوات الماضية.
وإذا كانت إسرائيل سارعت إلى تأييد الهجوم والتأكيد على أنها كانت جزء لا يتجزأ من مركّباته، خاصة أنها "ساهمت في تزويد الأميركيين بمعلومات استخبارية مكّنتهم من توجيه الضربات"، حسب ما ورد على لسان مصدر عسكري إسرائيلي رفيع، الا أنها بعد خيبة الأمل عادت لتتدارك الأمر مع الجانب الروسي تحديدا، وامتنعت عن التعليق الرسمي، لتحاشي زيادة الهوّة مع موسكو، من خلال تعليقات قد تطلق على لسان الوزراء وبعض السياسيين، كما درجت العادة في إسرائيل.

ساذج وباهت ولن يغيّر شيئاً
واذا كان الاهتمام الإسرائيلي بالضربة ومستواها نابع من قدرة تأثيرها على اعدائها، وتحديدا ما تسمّيه "التمركز" الإيراني في سوريا، فان نتيجة الضربة كانت "متواضعة"، ولا تؤثر سلبا على الايرانيين، بل تدفع إلى مزيد من التمركز بحسب التعليقات الاسرائيلية، وكما ينقل موقع "واللا" العبري فـ"إن الهوجم الأميركي لن يوقف الإيرانيين ولن يصدّهم في سوريا، لان الرسالة التي تلقتها دمشق من البيت الابيض عبر الهجمات،تعد متواضعة جدا، بل وايضا ساذجة". من جهتها اكدت القناة العاشرة أن الهجوم عزز مخاوف إسرائيل من أن اميركا في طريقها للخروج من سوريا، ولا نية لديها في تهديد نظام الأسد. واستضافت قناة "كان" العبرية الخبير في الشأن السوري، ايال زيسر، الذي يعد من أهم الخبراء الإسرائيليين في الشأن السوري واللبناني، ليؤكد على حقيقة مرّة،بأن الرئيس الأسد هو "المنتصر" في سوريا، وليشدد على أن "الهجوم الأميركي لا يغير من النتيجة شيئا، فالأسد هو المنتصر في ميدان القتال السوري. لكن ما بعد الهجوم سنبقى نحن الاسرائيليون وحيدون في مواجهة الإيرانيين وتمركزهم في سوريا، وهم يتحضرون لتوجيه ضربة رد لاسرائيل،التي ستسفر بعد تبادل الضربات معهم إلى قواعد لعبة جديدة".
موقع صحيفة "يديعوت أحرونوت" أشار في تعليق لمحلل الشؤون الأمنية والعسكرية في الموقع، رون بن يشاي، إلى أن الضربة كانت محدودة جدا ولم تلحق أضرارا ملموسة بالنظام السوري، و"إذا اراد الاميركيون والبريطانيون والفرنسيون ردع الأسد، الا أن هذه النتيجة لم تتحقق"، واضاف "لقد أراد كلٌّ من (الرئيس الاميركي دونالد) ترامب، ورئيسة الوزراء البريطانية (تيريزا) ماي، وكذلك الرئيس (الفرنسي ايمانويل) ماكرون، رفع بطاقة حمراء للأسد والرئيس (الروسي فلاديمير) بوتين، لكن بالكاد رفعوا في وجههما بطاقة صفراء باهتة".
وأضاف بن يشاي متهكّما، أنه بدلا من أن يرتدع الأسد وبوتين، تبين أن الأميركيين هم الذين ارتدعوا بعد أن بالغوا في الحذر خلال اختيارهم أهداف الهجوم خوفا من اثارة غضب بوتين وايقاظ الدب الروسي، و"الصواريخ كما قال ترامب فعلا، كانت جميلة وحديثة ومتطورة، لكن تأثيرها الرادع لا يساوي شيئا، وهذه هي الأخبار غير السارة لإسرائيل".
وقد تكون خلاصة التقويم الإسرائيلي ما ورد في القناة العاشرة خلال تعليقات خبرائها في الاستديو المفتوح لديها من الصباح: ما حدث هو هجوم قيمته العسكرية محدودة جدا، ولا يبدو انه سيغير شيئا في سوريا، والواضح أن الموقف الغربي وبقرار من أميركا، قرر الابتعاد عن سوريا وعدم الاستثمار فيها"، وأضاف "لن يغير الهجوم شيئا، وسيواصل الروس والإيرانيون العمل هنا وإدارة الأمور من أجل ضمان انتصار الأسد وتعزيز نظامه".