تغيّرت المعايير المعتمدة من قبل إدارات أندية كرة القدم عند تعيينها مدرباً جديداً. في السابق، كانت الخبرة تعتلي مطالب الملّاك والأجهزة الإدارية، لتصبح اليوم مطلباً «ثانوياً».
السوق المعاصر لعالم المستديرة «يتمحور» حول المدربين الشباب. تشهد أوروبا تحديداً خلال المواسم القليلة الماضية لاعبين سابقين شباباً متعطشين وأذكياء يحاولون تثبيت أقدامهم كمديرين فنيين، موزّعين على الأندية والمنتخبات دون أن تتجاوز أعمارهم عتبة الـ40.

وبالنظر إلى ارتفاع معدل عمر اعتزال لاعب كرة القدم في السنوات القليلة الماضية، يدخل هؤلاء وغيرهم بوابة التدريب بخبرةٍ شبه معدومة على صعيد الإدارة الفنية، بحيث تقتصر تجاربهم التدريبية على قيادة فئاتٍ عمرية أو المشاركة في الجهاز التدريبي من بوابة المساعدة...

عليه، يشهد البعض فشلاً ذريعاً عند تزعّم العارضة الفنية لفرق النخبة، مثل أندريا بيرلو مع يوفنتوس، فرانك لامبارد مع إيفرتون، ستيفن جيرارد مع أستون فيلا، في حين يحقق البعض الآخر نجاحات نوعية، أمثال ميكيل آرتيتا مع آرسنال، جوليان ناغلسمان مع منتخب ألمانيا حالياً وسابقاً مع بايرن ميونيخ ولايبزك، تشافي هيرنانديز مع برشلونة، تياغو موتا (بولونيا)، دون إغفال المدرب الشاب الأبرز في عالم المستديرة حالياً شابي ألونسو، صانع المعجزات رفقة باير ليفركوزن...
ما يحصل حالياً في عالم كرة القدم قد يكون أكبر من مجرّد «موجة»


تجدر الإشارة إلى أن الاعتماد على مدرب شاب ليس بالأمر الحدثي، إذ سبق أن كتب بيب غوارديولا فصلاً مهماً في مجلد إنجازات برشلونة كمدرب بعمر الخامسة والثلاثين، ثم تبعه زين الدين زيدان ليحقق ثلاثية دوري أبطال أوروبا كمدرب لريال مدريد عندما بدأ مسيرته التدريبية النخبوية من بوابة «الميرينغي» في أعتاب الأربعين من عمره... ومع تحقيق هؤلاء المدربين الشباب وغيرهم نجاحات نوعية، زاد توجّه أندية النخبة على استقدامهم.

آخر الأندية الهادفة لتعيين مدرب شاب هو تشيلسي، حيث يضج الوسط الرياضي بأخبار تتداول رغبة ملّاك النادي في استقدام مدرب «صغير» و «ديناميكي»، قادر على التطور تدريجياً واحتواء اللاعبين الشباب في محاولةٍ للمنافسة على المقاعد المؤهلة إلى دوري أبطال أوروبا بالحد الأدنى، مع تحقيق إحدى الكؤوس، تعويضاً للمدرب المقال الأرجنتيني ماوريسيو بوكيتينو.

وبحسب الصحافي الإيطالي فابريزيو رومانو المختص بأخبار انتقالات كرة القدم، تشمل القائمة التي يتداولها رؤساء تشيلسي: المدربيَن الشابين كيرن ماكينا (إيبسويتش تاون) وسيباستيان هونيس (شتوتغارت) رغم عدم رغبة هذا الأخير بترك فريقه في الموسم المقبل، مع توجّه الرؤساء إلى توسيع الخيارات في الاجتماعات المقبلة.

ما يحصل حالياً في عالم كرة القدم قد يكون أكبر من مجرّد «موجة». النماذج الناجحة أخيراً بالنسبة إلى المدربين الشباب رغم تقاضيهم، بأغلبهم، أقل من نصف ما يتقاضاه مدربو النخبة والخبرة، إضافةً إلى قدرة الشباب على مجاراة متطلبات كرة القدم الحديثة إثر اقترابهم بالعمر من اللاعبين أنفسهم، كما دنو «عظماء» التدريب من التنحي عن عرشهم أمثال جوزيه مورينيو، كارلو أنشيلوتي... كل هذه العوامل وغيرها من شأنها أن تساهم في تغيّرٍ جذري ضمن عالم التدريب، ليصبح عنصر الشباب قواماً أساسياً في الإدارة الفنية بالنسبة إلى غالبية الأندية الكبرى مستقبلاً.