بعد إنجاز الموسم الماضي بوصول نادي توتنهام إلى نهائي دوري أبطال أوروبا، كثرت التطلعات، فزادت المطالب على مدرب الفريق الأرجنتيني ماوريسيو بوكيتينيو. في ذلك الوقت لاقى الفريق دعماً كاملاً من الإدارة، ورُصدت ميزانية كبيرة لتدعيم الفريق، ولكن النتيجة لم تكن على قدر الآمال. خسارات متتالية كلّفت توتنهام الكثير، كما تلّقت شباكه 10 أهداف في مباراتين. بين موسمٍ وآخر، سقط توتنهام.في الموسم الكروي الأخير، عرف توتنهام نجاحاً استثنائياً، تمثّل بصموده بين أندية الطليعة محلياً وأوروبياً، رغم عدم إبرام أي صفقة تُذكر. قرار عدم الصرف حينها كان بفعل إعادة بناء ملعب النادي، وبالتالي الخوف من الوقوع في فخّ عقوبات اللعب المالي النظيف. مرّ الموسم حينها بأفضل سيناريو ممكن، وهو ما جعل الإدارة تكافئ مدربها الأرجنتيني باستقدام العديد من المواهب الصاعدة لترميم الفريق تمهيداً لحصد البطولات خلال هذا الموسم، أما النتيجة فكانت مرور توتنهام بالموسم الأسوأ في حقبة بوكيتينيو حتى الآن.
منذ استلامه العارضة الفنية للنادي اللندني، برز بوكيتينيو كأحد أبرز المدربين كفاءةً في بناء الفرق حول العالم. فبعد النسخة الرائعة لساوثهامبتون التي قدمها بوكيتينيو مطلع العقد الحالي، خرّج المدرب الأرجنتيني جيلاً شاباً لنادي توتنهام، نجح في تحقيق نتائج ايجابية، كما وصل باستمرار الى المقاعد المؤهّلة لدوري أبطال أوروبا. أسماءٌ شابّة عديدة ظهرت على أيدي المدرب الأرجنتيني، كان أبرزها المهاجم القوي هاري كاين، ديلي آلي سون يونغ مين، هاري وينكس وغيرهم الكثير… ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل نجح بوكيتينيو في تطوير عدد من اللاعبين أبرزهم الدانماركي كريستيان إيريكسن، والذي بات مطلوباً من أهم الأندية في أوروبا.
تلقّى توتنهام في مباراتيه الأخيرتين 10 أهداف كاملة


مع توالي المواسم، لم يتراجع توتنهام عن مراكز المقدمة، غير أنه لم يتقدم أيضاً ليحصد البطولات. استقر نادي شمال لندن على مقربة من أندية الطليعة، رغم أنه لم يتعاقد مع لاعبين استثنائيين طيلة الفترة الماضية. واللافت اليوم أن الفريق تراجع بشكل كبير بعد إبرام الصفقات.
بدأ الأمر بالتعاقد مع متوسط الميدان الفرنسي تانغي ندومبيلي. اللاعب الذي كان على رادار العديد من الأندية الأوروبية المهمة، اختار الذهاب إلى لندن مقابل 60 مليون يورو، ليصبح أغلى صفقة في تاريخ النادي. بعدها، جرى التعاقد مع الجناح الإنكليزي الشاب ريان سيسينيون من فولهام، وهو لاعب يستطيع شغل مركزي الجناح والظهير على حدٍّ سواء، فيما اختتم توتنهام سوق انتقالاته بالتوقيع مع جيوفاني لو سيلسو من ريال بيتيس على سبيل الإعارة.
رغم قدوم هذه الأسماء، يحتل توتنهام المركز التاسع في الدوري الإنكليزي الممتاز حاليا بـ11 نقطة جاءت من 3 انتصارات وتعادلين و 3 هزائم، كما يحتل المركز الثالث في المجموعة الثانية من دوري أبطال أوروبا.
من المباريات الست الأخيرة في مختلف البطولات، فاز توتنهام فقط في المباراة التي جمعته على أرضه مع نادي ساوثهامبتون. خساراتٌ بالجملة أمام أندية من مختلف المستويات دقّت ناقوس الخطر في ملعب توتنهام هوتسبر. رغم التخبّطات المتتالية، كان للخسارة الثقيلة على أرضه أمام بايرن ميونخ بـ7 أهداف مقابل هدفين الوقع الأكبر. زاد الأمر سوءاً تداعياتها على الدوري، بعد أن ظهر لاعبو توتنهام في حالة نفسية سيئة في المباراة التي خسروها أمام برايتون بثلاثية نظيفة.
يظهر جلياً عدم تأقلم الصفقات الجديدة مع أسلوب الفريق، وعدم تعويض أدوار بعض اللاعبين السابقين أو الغائبين بداعي الإصابة، كموسى ديمبيلي وديلي آلي. كان لهذين الأخيرين دور بارز في خط الوسط خاصة عبر بناء الهجمات وافتكاك الكرة من الخصم، وهو ما يعجز عن القيام به ندومبيلي رغم تقديمه أداءً جيداً حتى الآن. لربما السبب الفني الأبرز الذي أدى الى تراجع الفريق ككل، هو ابتعاد صانع الألعاب الدانماركي كريستيان إيريكسن عن أدائه المعهود. اللاعب الذي كان محطة أساسية في تحديد نسق المباريات، لم يظهر حتى الآن بالشكل المطلوب، على خلفية رفض إدارة النادي طلبه بالانتقال إلى ريال مدريد في الصيف الماضي، وهو ما أثّر عليه معنوياً.
الأرقام تؤكد حصول تراجع كبير لتوتنهام هذا الموسم، ما قد يدعم نظرية سائدة في الوسط الرياضي مفادها أن بوكيتينيو مدرب صالح لبناء الأندية بعيداً عن الضغوطات، ولكنه غير قادر على حصد البطولات. الموسم لا يزال في أوله، والكثير من الأخطاء يسعى بوكيتينيو لتعديلها في فترة التوقف الدولي الحالية، من أجل إعادة توتنهام إلى المسار الصحيح بدءاً من المباراة التي ستجمعه الأسبوع المقبل في الدوري مع فريق واتفورد.