مرحلةٌ قد تكون الأصعب سيمرّ بها منتخب لبنان لكرة القدم، لا لأنه سيواجه أستراليا القوية في مباراتيه المقبلتين (21 و26 الحالي) في التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى كأس العالم 2026 وكأس آسيا 2027، ولا لأنه سيخوض هاتين المباراتين وسط غياباتٍ كثيرة للاعبين أساسيين عن صفوفه، بل لأن هذه المحطة ستشكّل بداية المرحلة الانتقالية التي يفترض أن تحمل معها تغييراً واسعاً ابتداءً من شهر حزيران المقبل، إذ سيلعب منتخبنا مع فلسطين وبنغلادش مباراتين حاسمتين للتأهل إلى النهائيات الآسيوية والدور الثالث للتصفيات المونديالية.
هذه المرحلة الانتقالية بدأ العمل عليها منذ العودة من العاصمة القطرية الدوحة في شهر كانون الثاني الماضي، وذلك عقب مشاركة «رجال الأرز» في كأس آسيا، إذ نشط الجهازان الإداري والفني في عملية البحث عن أسماء مغتربة متاحة للانضمام إلى المنتخب، وقد تكثّفت الاتصالات مع بعضهم في هذا الشأن من أجل الحرص على استقطاب أكبر عددٍ منهم في ظل الحاجة إلى إدخال دماءٍ جديدة إلى التشكيلة في كل المراكز.
وفي هذا الإطار، أصبحت لائحة الأسماء المغتربة المرشّحة للالتحاق بالمنتخب أطول، ولكن الكمية ليست هي الأساس، بل إنّ البحث عن النوعية هو الهدف الأول. لهذا كان المدير الفني المونتينغري ميودراغ رادولوفيتش على تواصلٍ مع أكثر من طرفٍ في القارة الأوروبية من معارفه الخاصة للسؤال عن هذا اللاعب أو ذاك، متابعاً أيضاً نشاط كل اللاعبين المرشحين للانضمام إلى المنتخب عبر تطبيقات وبرامج مختصة في تقييمهم خلال مشاركتهم في المباريات، وتقديم الإحصاءات الدقيقة الخاصة بهم.
حارس مرمى ومدافعان ومهاجمان من المغتربين يتمّ العمل على ضمّهم إلى المنتخب


بالطبع تأمّل «رادو» وجهازه الفني الذي حضر معه بكامل أفراده إلى بيروت لمتابعة مباريات الدوري واللاعبين من كثب، أن تتاح الفرصة لتعزيز التشكيلة بعناصر مغتربة سبق أن أعطت موافقتها للدفاع عن ألوان لبنان، ولكن عقبات عدة حالت دون تظهير الأمور بالشكل المثالي، وأبرزها ترتبط بدوائر النفوس التي تعيش إضرابات وغياب موظفين بشكلٍ متواصل، وهي التي من المفترض أن تخرج الأوراق الثبوتية منها لكي يصار إلى إصدار جوازات سفر للاعبين الذين عملوا على استعادة جنسيتهم اللبنانية، وبالتالي ليصبحوا متاحين للانضمام إلى المنتخب الوطني، الذي كان قد عمل مسؤولوه في الأشهر الماضية على ملفاتٍ عدة، منها حملت وجهين مغتربين جديدين إلى صفوف رادولوفيتش الذي كان قد تعرّف إليهما من كثب أخيراً.
هنا الحديث عن المهاجمَين الشابين ليوناردو شاهين (20 عاماً) المولود في السويد، وجاكسون خوري (21 عاماً) المولود في أستراليا، والذي يلعب حالياً في دوري الدرجة الأولى الأميركي.
الثنائي المذكور كان قد ترك انطباعاً جيّداً عند المدرب بعد انضمامهما إلى المعسكر الذي أقيم في الشمال عشية انطلاق كأس آسيا الأخيرة، فأظهرا جديّة كبيرة في التمارين، والأهم رغبةً كبيرة في ارتداء ألوان منتخب لبنان، وهما بحكم التحاقهما بالمجموعة قبل مدة قصيرة على انطلاق البطولة القارية، كان لا بدّ أن ينتظرا وقتاً من أجل أن يجدا نفسهما في التشكيلة التي ضمّت في كأس آسيا لاعبين أصحاب خبرة ويعرفهم المدرب جيّداً، وهو ما كان بحاجةٍ إليه المنتخب، الذي كان قد استدعى مغتربَين آخرين لا يملكان عدداً كبيراً من المباريات الدولية، ولكنهما كسبا خبرةً دولية سابقة وزادا عليها من مشاركتهما في البطولة، وهما دانيال لحود المكسيكي المولد، وغابريال بيطار المولود في كندا، وكلاهما يبلغ من العمر 25 عاماً فقط.

اختار رادولوفيتش افضل الممكن من الوجوه التي برزت في الدوري اللبناني اخيراً (حسن بحسون)

بطبيعة الحال، قد لا يشارك شاهين وخوري في أوّل رحلةٍ لهما مع المنتخب، ولكن سيتمّ العمل معهما لمعرفة كيفية تسخير القدرات التهديفية للأول، والسرعة اللافتة للثاني، في خدمة المجموعة التي بدا أنها تحتاج إلى حلولٍ هجومية، وخصوصاً بعدما وضع الاتحاد اللبناني للعبة جهداً كبيراً لإصدار جواز سفرٍ خاص بالبيروفي المولد ألكسندر سكر ولكنه اعتذر فجأةً عن عدم تلبية الدعوة قبل كأس آسيا لأسبابٍ خاصة به.
سكر، وشاهين وخوري، طفت أسماؤهم من قاراتٍ مختلفة، ولكنهم ليسوا الوحيدين الذين أصبحوا على لائحة الأسماء المتاحة للمنتخب، فالعمل للحصول على الضوء الأخضر من الاتحاد الدولي للسماح بانضمام حارس المرمى المميّز جبران لحود الذي لعب مع المكسيك مباراةً دولية واحدة، يجري على قدمٍ وساق. أضف أن قلب دفاعٍ ينشط في أحد البلدان الأوروبية المتقدّمة وُضع على رادار المراقبة، وهو الذي يحمل سلفاً جواز سفرٍ لبناني، إضافةً إلى ظهير أيمن ينشط في أحد بلدان أميركا اللاتينية، وثنائي مميّز نشأ في أحد البلدان الإسكندينافية، ما يعني أن قدوم كل هؤلاء في حال اكتمل، سيجعل من منتخب لبنان مجدداً واحداً من المنتخبات التي سيُحسب لها حساب في القارة الصفراء.