حان وقت الرحيل بالنسبة الى أرسين فينغر. لا أحد في القسم الذي يضم جماهير ارسنال في لندن يحتمل ما يحدث للفريق؛ فالهزائم القاسية المتتالية في الفترة الاخيرة بالخماسيات والسداسيات، لا تترك مجالاً سوى للقول بأنه يفترض خروج فينغر من النادي.
هو أمر صعب طبعاً بالنسبة الى كل عشاق ارسنال، وخصوصاً أولئك الذين عاصروا مسيرة «البروفسور» طوال 18 عاماً، حيث وضع «الغانرز» في مصاف كبار انكلترا لمواسم عدة، فارضاً إياه رقماً صعباً على الساحة الاوروبية ايضاً.
كلامٌ ومديحٌ كثير قد يقال في فينغر الذي لا يمكن التشكيك في قدراته أبداً، ولا بذهنه التدريبي المتفوّق، ولا بقدرته على إيجاد فريق بحجم ارسنال أو ربما أهم. لكن الرجل «أفلس» في لندن، وما المطالبة بخروجه إلا بسبب ما اقترفته يداه، وذلك في الوقت الذي كان يمكنه أن يجلس ملكاً على عرش الـ«بريميير ليغ»، لكنه أراد ترجمة فلسفته الخاصة التي يصعب على أي أحد فهمها حالياً في ظل ترنح الفريق اللندني ووصوله الى مرحلة بات فيها مهدداً بالفشل في التأهل الى دوري أبطال اوروبا في الموسم المقبل بعد سقوطه المرير بعد ظهر امس امام إفرتون (0-3)، الذي بات بعيداً عنه بفارق نقطةٍ واحدة فقط.
إذاً الأسباب الموجبة لرحيل فينغر ازداد عددها أخيراً، إذ منذ منتصف العام الماضي تعالت الاصوات في «استاد الامارات» مطالبةً بالتغيير، لكن هذه الاصوات كانت قليلة، قبل أن يكشف إحصاء أجرته صحيفة «ذا دايلي مايل» قبل ايام، الانقسام الحاصل لدى جمهور ارسنال، حيث أكد نصف الاشخاص في العيّنة التي تم الأخذ بها (حوالى 8100 مشجع) أنهم يريدون ترك فينغر لمنصبه في حال فشله في حجز بطاقةٍ مؤهلة الى دوري الابطال والفوز بكأس انكلترا.
ما هي الاخطاء المميتة التي وقع فيها فينغر؟
أول هذه الاخطاء كان عدم صرف الفرنسي للأموال التي خصّصتها له الادارة في سوق الانتقالات صيفاً وشتاءً. فصحيح أنه استقدم الالماني مسعود اوزيل بمبلغ قياسي، لكن الـ100 مليون جنيه استرليني الموجودة تحت تصرفه بقيت من دون استعمال، حيث أصرّ على منح الفرصة لعددٍ كبير من الشبان الذين خذلوه في الاوقات الحساسة.
ثاني الأخطاء هو الخيارات التي وقع فيها في سوق الانتقالات، إذ رسم خطة حول اوزيل فقط، وعند إصابة الاخير أو تراجع مستواه لم يجد لديه بديلاً مناسباً لسدّ الفراغ، وجعل الفريق يؤدي على أعلى مستوى. وحتى عندما سنحت له الفرصة لتدارك الوضع، اختار السويدي كيم كالشتروم للانضمام الى صفوفه، في صفقةٍ كان من المعلوم أنها لن تقدّم أو تؤخر بالنظر الى الامكانات المحدودة للاعب الذي زاد الطين بلّة بإصابته فور وصوله وابتعاده لفترةٍ طويلة عن الملاعب. أما الخطأ الفني الثالث فكان ذاك الهوس الذي أصيب به بالعمل على تعزيز خط الوسط دون الخطّين الآخرين، فسقط دفاعه في الامتحانات الأصعب، والدليل النتائج المذلة امام مانشستر سيتي وتشلسي على سبيل المثال لا الحصر. أما الهجوم فبدا عقيماً في المناسبات الكبيرة لعدم وجود نجمٍ عالمي صاحب اسمٍ كبير على غرار ما كان عليه الامر أيام الهولندي دينيس بيرغكامب والفرنسي تييري هنري.
ماذا فعلت يا فينغر؟ لقد بنيت الكثير ثم هدمته بنفسك. إنها ساعة الرحيل تدق الآن بصوتٍ أقوى، فذخيرة الاستراتيجيات التي وضعتها في مخازن «المدفعجية» لم تعد صالحة للاستعمال.

يمكنكم متابعة شربل كريم عبر تويتر | @charbel_krayem