قبل دخولنا عام 2018 كانت الشركات العالمية تعمل على استقطاب أبرز نجوم كرة القدم، تماماً كما تفعل الأندية الراغبة بالحصول على خدماتهم. كيف لا والسنة هي سنة كأس العالم حيث تدور العجلة الاقتصادية بشكلٍ مثالي لتحصد الأرباح من كل حدب وصوب، مستغلةً المناسبة والفرصة المتاحة بأفضل طريقة ممكنة.
لكن بما أن السوق المتصلة بعالم الفوتبول كبيرة وتحوي العديد من الماركات العالمية التي تمتد حول القارات، فإن نجوم اللعبة يجدون أنفسهم مرتبطين إما بإعلانات مضحكة ولا تشبه نجوميتهم الضخمة على الملعب، وإما بإعلانات تسيء إلى صورتهم الحقيقية، وإما بإعلانات لا تحمل رسالة رياضية بل تكون أحياناً مناقضة للمفهوم الرياضي أو للصحة أو النظام الغذائي الخاص بالرياضيين.
ففي الأعوام القريبة الماضية ناهض كثيرون مسألة حمل قمصان بعض الأندية إعلانات خاصة بمكاتب المراهنات، والتي وصلت إلى ترويج أسمائها على قمصان الحكام على غرار ما يحصل في قبرص، حيث تنتشر هذه المكاتب في الجزيرة بكثرة!
وذهب المناهضون لما أسموها «الآفة» إلى اعتبار أن عالم كرة القدم يحارب التلاعب بنتائج المباريات لمصلحة مكاتب المراهنات التي انتشرت المافيات المرتبطة بها حول المعمورة، فكيف لهذا العالم أن يروجّ لها؟ كذلك، ذهب هؤلاء إلى ضرب المثل بسلسلة سباقات سيارات الفورمولا 1 التي منعت الإعلانات الخاصة بالتدخين أو الكحول في الحلبات، ما أثّر على ميزانيات العديد من الفرق أمثال فيراري الإيطالي، الذي ارتبط تاريخياً بشركة «مارلبورو» المعروفة.
لكن تحديد نوع الإعلان الذي يسمح له بدخول الملاعب أو يسمح للنجم بتمثيله غير موجود في كرة القدم، إذ مثلاً صمد مصنّع البيرة الشهير «هاينيكن» في ملاعب أوروبا منذ زمنٍ طويل كراعٍ أساسي لمسابقة دوري أبطال أوروبا...
من هنا، ذهب نجوم الكرة إلى تمثيل معلنين لا يلتقون مع مبادئ النظام الغذائي الصحي والمثالي للرياضي. وعلى سبيل المثال لا للحصر، يعلم كل لاعب أو متابع بأن المشروبات الغازية هي من الأمور المحرّمة على لاعب الكرة. لكن هذه المسألة لم تمنع الأرجنتيني ليونيل ميسي وكوكبة من النجوم الآخرين في أن يكونوا الوجوه الإعلانية لشركة «بيبسي» حيث يظهرون في الكثير من الإعلانات وهم يستمتعون بشرب المنتج.
وميسي أصلاً سبق أن واجه موجة انتقادات من قبل أولئك الذين يقودون حملات دائمة للترويج للأسس الصحية المثالية، وذلك عندما قام بإعلان «كنتاكي» للوجبات السريعة، ليسير على خطى نجمٍ آخر سبقه إلى هذا المجال وهو الإنكليزي ديفيد بيكام الذي كان النجم الأول لـ «بيبسي» و»برغر كينغ»، ما دفع الكثيرين في بلاده إلى السؤال حول ماهية الرسالة الصحية التي ينقلها إلى الأطفال من خلال تشجيعهم على تناول الوجبات السريعة المضرّة بهم.
ومسألة الإعلان لمنتوجات غير صحية ليست بالأمر الجديد في عالم الفوتبول، إذ اشتهر النجم الإنكليزي السابق غاري لينيكر بإعلاناته الخاصة بـ «والكر كريسبس» وهي شركة مصنّعة لرقاقات البطاطس (تشيبس). ومن خلال هذه الشراكة يمكن معرفة مدى تأثير النجوم في المبيعات، إذ إنه في ظرف عامين زادت المبيعات بمجموع وصل إلى أكثر من مليونين ونصف المليون كيس، وبمعدل زيادة بلغ 23%. ومع اعتماده كوجه إعلاني للشركة لحوالى 20 عاماً (حصل في كل مرّة على 1.5 مليون جنيه استرليني مقابل عقد مدته 5 سنوات) وصلت الزيادة في المبيعات إلى نسبة 105%.

يسوّق كريستيانو رونالدو
لإحدى شركات لعب «البوكر»
ويعتبر أنها لطالما كانت لعبته!


أما النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو فقد أخذ اتجاهاً آخر مثيراً للجدل، إذ في وقتٍ دعا فيه لتناول المكملات الغذائية الصحية من خلال ارتباطه بشركة «هربالايف» (بعدما روّج لـ «KFC» أيضاً)، فإنه منذ عام 2015 يسوّق لإحدى شركات لعب القمار (بوكر ستارز) على شبكة «الإنترنت». وفي وقتٍ لم تُكشف فيه يوماً قيمة الاتفاقية بين رونالدو والشركة تماماً كمعظم الاتفاقيات التي يجريها مع عشرات الشركات الخاصة بالمنتجات الإخرى، فإن هناك كلاماً عن أن أفضل لاعب في العالم وافق على المهمة كونه يهوى لعب القمار!
رونالدو نفسه يعترف بهذا الأمر متجاهلاً أن رسالته قد تصل إلى الصغار الذين قد يحذون حذوه ويقضون على حياتهم باكراً، إذ يقول بأنه بدأ لعب «البوكر» قبل أعوامٍ قليلة ويحب هذا التحدي ويستمتع به، وحتى أنه وجّه رسالة إلى عشاقه بملاقاته عبر «الإنترنت» للعب سويّاً، خاتماً كلامه بعبارة صادمة «صحيح أن كرة القدم هي عالمي، لكن «البوكر» كانت دائماً لعبتي».
إذاً هي قصة جشع وطمع لكسب المزيد من الأموال، وهي قصة تجعل الشك كبيراً في كل خطوة يقوم بها نجوم اللعبة الشعبية الأولى في العالم حتى عندما يرتبطون بمشاريع يُقال إن أهدافها خيرية. وهنا، من كل قلبنا، يمكننا أن نفقع من الضحك!




كل الرياضات «استهلاكية»!

لا يمكن اتهام نجوم كرة القدم وحدهم بالسير في خطٍ مؤذٍ للصحة من خلال الترويج لمنتجات غير صحية، فهذا الأمر وُجد دائماً في رياضات أخرى، حتى قيل يوماً بأن كل هذه الرياضات وبدلاً من تشجيع الناس على عيش حياة صحية مثالية فإنها تدفع بهم إلى البدانة. الشقيقتان فينوس وسيرينا ويليامس وقّعتا عام 2005 على عقدٍ أصبحتا بموجبه الوجهين الإعلانيين الأساسيين لسلسلة مطاعم «ماكدونالدز» للوجبات السريعة، لتقودا حملة أثارت الكثير من الجدل في الولايات المتحدة كونها استهدفت الأطفال دون سواهم. وبعد أخذٍ وردٍّ كبيرين خرجت الشقيقة الكبرى فينوس لتبرر سبب قبول هذه المهمة بالقول: «أنا وشقيقتي نحب «ماكدونالدز» ونحب الأطفال أيضاً».
وهذه الشركة المنتشرة في كل بلدان العالم، سبق أن اخترقت عالم الرياضة في مجالات عدة، وحيث ترى مناسباً لغسل أدمغة المستهلكين، إذ منذ عام 1978 وهي تعمل على توقيع عقودٍ مع أبرز الرياضيين المتنافسين على صعيد الجامعات في الولايات المتحدة، فمرّ حاملاً اسمها ومسوّقاً لـ «البرغر» في ملاعب كرة السلة كوبي براينت ودوايت هاورد وليبرون جيمس.
كذلك، في السباحة كان السبّاح الأميركي الشهير مايكل فيلبس الوجه الإعلاني لشركة «سابواي»، والذي كان يحصل على 6 ملايين دولار سنويّاً جراء هذا الارتباط.