كشفت تل أبيب، أمس، عبر القناة العاشرة العبرية، وبرضى من الرقابة العسكرية، عن زيارة وفد رسمي إسرائيلي رفيع للرياض قبل أسابيع، ضمن سلسلة زيارات مماثلة للمملكة في الفترة الأخيرة.ويأتي هذا الإعلان على وقع التطورات الأخيرة على الساحتين السورية والإقليمية، حيث بات واضحاً أن مصالح الجانبين باتت مشتركة، كما بات أعداؤهما مشتركين. وعندما تتعمّد تل أبيب الإعلان عن مثل هذه الزيارات، فهي تهدف الى تطويع الرأي العام لدى شركائها من "الدول العربية المعتدلة"، والتمهيد لنقل العلاقات القائمة سراً الى المرحلة العلنية المطلوبة إسرائيلياً، كما طالب أخيراً، رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
ويبدو أن الرقابة العسكرية الإسرائيلية، ومن يقف وراءها من قيادة سياسية في تل أبيب، أدركت أن الخروج بالعلاقات مع السعودية الى العلن بات هدفاً ملحاً يجب تحقيقه سريعاً في ظل التطورات الأخيرة في المنطقة، الأمر الذي يمكن تل أبيب من الانتقال الى مرحلة متقدمة مع السعوديين تحديداً، لجهة التنسيق والتحالف، لـ"مواجهة الأخطار المشتركة".
وفد إسرائيلي رفيع
زار الرياض: الأولوية لمواجهة إيران، لا فلسطين!

ويعد هذا الانتقال، بالتبعية، انتصاراً لمنطق اليمين الإسرائيلي الذي يترأسه نتنياهو، تجاه القضية الفلسطينية. إذ يروج الأخير لنظرية أن رفع مستوى العلاقات مع السعودية، وغيرها من "دول الاعتدال العربي"، هو المدخل لحل القضية الفلسطينية وبلا أثمان، بدل أن يكون حل القضية الفلسطينية هو المدخل للتطبيع، الأمر الذي يمكّن العدو من فرض تسوية على السلطة الفلسطينية من دون تنازلات إسرائيلية.
القناة العاشرة العبرية أشارت الى زيارة وفد إسرائيلي للرياض، برئاسة شخصية إسرائيلية رفيعة، التقى خلالها المسؤولين السعوديين، ضمن ما سمته القناة "العلاقات الحميمة جداً جداً مع السعودية". وأشارت القناة الى أنها لن تستطيع الحديث عن تفاصيل الزيارة وأهدافها، لأن الرقابة العسكرية الإسرائيلية لا تسمح بنشرها. لكنها أكدت أن الزيارة تمت قبل أسابيع معدودة فقط، و"ما يمكن قوله هنا، إن المملكة السعودية بقيادة الملك سلمان والأمراء الجدد من حوله لا يخجلون من العلاقة مع إسرائيل، ولا يبدون اهتماماً بالقضية الفلسطينية التي يضعونها أسفل سلّم اهتمامهم". وأوضحت أن "السعوديين يؤكدون للإسرائيليين، في لقاءاتهم، أنهم غير مهتمين بما يفعله الأخيرون مع الفلسطينيين، بل يريدون إسرائيل الى جانبهم بكل ما يتعلق بإيران بعدما تركت الولايات المتحدة المنطقة". ولفتت القناة الى أن اللقاء الأخير، قبل أسابيع، لم يكن استثنائياً، بل "هناك دفء كبير في العلاقات بين إسرائيل والسعودية، وهناك لقاءات كثيرة جرت بالفعل، لكن لا يمكن الحديث عنها"، و"هذه اللقاءات تشير الى مستوى الدفء في العلاقات الرائعة جداً، القائمة مع السعودية، وأيضاً مع باقي دول الخليج".
وأكدت القناة في تقريرها أن "إسرائيل نجحت في إقامة علاقات في منتهى الحميمية مع الدول السنية المعتدلة في المنطقة، ومن بينها مصر ودول الخليج". ولفتت الى أن "المصالح بيننا وبينهم متشابهة، وما يقلق الدول السنية يقلق إسرائيل، وتحديداً في ما يتعلق بداعش والمتطرفين السنّة، إضافة الى المحور الشيعي بقيادة إيران". واللافت في تقرير القناة، هو نظرة السعودية الى إمكان إخراج العلاقات الى العلن، فـ"هذه الدول تشترط لنقل العلاقة من السر إلى العلن، بأن تظهر إسرائيل أنها تحاول العمل على حل النزاع مع الفلسطينيين، وإلا فستبقى العلاقة في الغرف المغلقة".

استياء إسرائيلي من حكومة لبنان

الى ذلك، وفي توقيت لافت يصعب الفصل بينه وبين الحملة المفتعلة أخيراً ضد حزب الله، خارجياً وداخلياً، أعربت تل أبيب أمس عن "استيائها" من الحكومة اللبنانية، لامتناعها عن مواجهة الحزب.
السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، داني دانون، أشار في رسالتين متطابقتين وجههما الى الأمين العام للمنظمة الدولية بان كي مون، وإلى أعضاء مجلس الأمن، الى استياء إسرائيل من الحكومة اللبنانية وقوات "اليونيفيل" والأمم المتحدة، لعدم مواجهة حزب الله.
وأوضح دانون أنه خلافاً للقرار الدولي 1701، فإن "الحكومة اللبنانية لا تعمل شيئاً من أجل منع أنشطة حزب الله في جنوب لبنان. فعناصر الحزب المسلحون، يتجولون بكل حرية في المناطق الجنوبية اللبنانية". و"بدلاً من العمل ضد الخروق التي ينفذها عناصره، تدسّ الأمم المتحدة رأسها في التراب ولا تحرك ساكناً". وأكّد أن "إسرائيل من جهتها ستواصل التمسك وتنفيذ سياسة صفر صبر إزاء أي عنف يمارس ضدها".
وأرفق دانون رسالتيه بقائمة من المعطيات قال إنها توثق لخروق حزب الله في جنوب لبنان عام 2015. وبحسب المعطيات، سجلت إسرائيل 2374 خرقاً، مع توثيق 1079 حالة تجول لمسلحين بكل حرية في الجنوب اللبناني، بما يخالف القرار 1701، إضافة الى توثيق 589 حالة تجاوز للخط الأزرق، كما جرى توثيق 653 حادثة نفذ فيها عناصر حزب الله دوريات على طول الحدود، من بينها حادثتان شنت خلالهما هجمات ضد الأراضي الإسرائيلية.
يشار الى أن دانون كان قد وجه سابقاً رسالة الى الأمين العام للأمم المتحدة طالبه فيها بإدانة التهديدات الصادرة عن الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصرالله حول حاويات الأمونيا في خليج حيفا، لأن "كارثة استهداف خليج حيفا، إذا حصلت، فستقتل عشرات الآلاف، وستصيب أكثر من 800.000 آخرين". وقد استجاب بان كي مون سريعاً للطلب الإسرائيلي، وصدر عنه بيان إدانة. أما الرسالتان الحاليتان، وتوثيق "الخروق" والإعراب عن الاستياء من الحكومة اللبنانية، فتأتي بلا سبب ظاهر.