مع تواصل المواجهات بين المقاومة والعدو على الحدود الجنوبية، برز أمس تطور سياسي من داخل الكيان، بإعلان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير حربه يؤاف غالانت «الرغبة بالتوصل إلى اتفاق مع لبنان» فيما كانت بيروت تشهد اجتماعاً هاماً بين الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصرالله، والأمين العام للجماعة الإسلامية الشيخ محمد طقوش. وهو لقاء خُصص للبحث في التنسيق بين الطرفين انطلاقاً من انخراطهما في جبهة المساندة للمقاومة في غزة.
(من الويب)

اللقاء تأخّر لأكثر من سنة ونصف سنة. وخلال هذه المرحلة، كانت عمليّة «رص الصفوف بين الضاحية وعائشة بكّار تزداد متانةً». وبعد جهود كبيرة بذلتها حركة حماس، التي سبق لها أن أعادت العلاقات بين الجانبين خلال عهد الأمين العام السابق عزّام الأيوبي، وقد تعزّز خيار التعاون بعد انتخاب طقوش أميناً عاماً للجماعة في أيلول 2022. وقد تمّ تكريس هذا التّقارب بعد عمليّة «طوفان الأقصى»، حيث استأنفت «قوّات الفجر»، الجناح العسكري للجماعة، عمليّاتها العسكريّة ضد قوات الاحتلال، ونجحت مع فصائل المقاومة في إعادة القضيّة الفلسطينيّة إلى مكانها في قلب الوجدان الشعبي والوعي السياسي عند قواعد كبيرة وسط الطائفة السنية التي تعمّدت أطراف داخلية وخارجية إبعادها عن مشروع المقاومة. وتطوّر موقف الجماعة وصولاً إلى انخراطها كفصيلٍ لبناني في جبهة المساندة، انطلاقاً من قناعتها بوحدة السّاحات.
ورغم التنسيق بين الطرفين، على اختلاف نسبته بين السياسة والميدان، فقد كان الاجتماع بين نصرالله وطقوش ضرورياً في الشكل والمضمون. ويدرك الطرفان رمزية «الصورة والخبر» اللذين انتشرا أمس، إضافة إلى مضمون نقاش تجاوز الثلاث ساعات بين الرجلين، في حضور عضو المجلس السياسي للحزب، الشيخ عبد المجيد عمّار.
نصرالله - طقوش: معا في خيار المقاومة ومواصلة إسناد غزة


وقد تطرّق نصرالله وطقوش إلى كل المواضيع، واستعرضا التحديات في لبنان والمنطقة والسيناريوهات في حال اندلعت حرب شاملة، مركزيْن على «مواصلة المقاومة وإسنادها دعماً للشعب الفلسطيني ودفاعاً عن لبنان، واستمرار التنسيق بين الطرفين وزيادة أطره كلّما استدعت حاجة الميدان إلى ذلك، والحفاظ على الجهوزيّة الدائمة في حال حصول أي تطوّر للمعركة».
وقال مصدر على صلة بالطرفين، إنهما حسما بأن «المقاومة خيار ومسار طويل يجب تدعيمهما، حتّى ولو توقّفت الحرب»، مؤكدين على «السيْر قدماً في هذا الخيار مع كلّ متطلباته الدّاخلية والخارجيّة». ولم يغب الوضع الدّاخلي عن اللقاء، وتمّت مناقشة بعض الملفات الدّاخلية، مشددين على «ضرورة مقاربة الوضع المحلي بما يخدم موقف المقاومة، وضرورة رص الصف الإسلامي والحفاظ على الوحدة السنية - الشيعيّة».

الجبهة تشتعل ليلاً
في هذه الأثناء، مر أمس يوم جديد لم يتوقف فيه دوي صفارات الإنذار في المستوطنات والمواقع والثكنات العسكرية الإسرائيلية، في الوقت الذي سُجّل فيه موقف لافت لوزير حرب العدو يؤاف غالانت، الذي قال أثناء زيارته لنظام القبة الحديدية قبالة لبنان: «نحن نجهز البديل السياسي، إنه الأفضل دائماً. نحن لا نسعى للحرب ولكننا مستعدون لها. وآمل أن نصل إلى تسوية».
ونقلت قناة «كان» أجواء النقاش داخل كابينت القرار في تل أبيب، وقالت إن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير حربه يؤاف غالانت، أظهرا تأييداً لتسوية مع حزب الله، بينما طالب الوزير إيتمار بن غفير بعملية عسكرية هجومية. وبحسب «معاريف» فإن غالانت قال في الاجتماع، إنه قال للأميركيين: «إننا لسنا من نريد حرباً في الشمال، وإذا توصلنا إلى اتفاق يخرج حزب الله من الحدود فهذا مقبول»، فردّ عليه بن غفير: «كيف يكون ذلك ممكناً بدون حرب، وكيف ننهي الحدث بخير. ألم نتعلم درساً من عشرين عاماً من الترتيبات. سنتخذ الترتيبات اللازمة، وبعد عام أو عامين سوف يغتصبون زوجاتنا ويقتلون أطفالنا». لكن وزير الشؤون الاستراتيجية دان ديرمر انضم للرد على بن غفير قائلاً له: «لكن حتى لو انتصرنا في الحرب، فسوف نتوصل إلى تسوية. ألا تعتقد ذلك؟».
لكن بن غفير عاد ليقول إنه «إذا فزنا، فلن يكون هناك من يمكن الاتفاق معه، وهذا أمر جيد»، ما استدعى تدخل نتنياهو قائلاً: «إذا توصلنا إلى اتفاق يسمح بعودة السكان إلى الشمال، فمن الممكن التوصل إلى اتفاق، ولكن هذه هي القاعدة، عودة السكان إلى الشمال. فقط مع كل الشروط التي تسمح بذلك».
وفي سياق استعراض مخاطر الحرب على الشمال خصوصاً وإسرائيل عموماً، نشرت صحيفة «إسرائيل اليوم» إحصاءً حتى تاريخ 23 من شهر حزيران، أشار إلى «تضرر 1016 مبنًى في الشمال، 75% منها نتيجة أعمال معادية من لبنان و25% نتيجة نشاط الجيش الإسرائيلي داخل المستوطنات». ولفتت الصحيفة إلى أن «المستوطنات التي تعرّضت لأكبر ضرر هي المطلة، المنارة، كريات شمونة، شتولا، زرعيت وأفيفيم».
وشهد ليل أمس مجموعة عمليات عسكرية، إذ شنّت المقاومة، رداً على الاغتيال في بلدة سحمر البقاعية، هجوماً جوياً بسرب من ‏المسيّرات الانقضاضيّة على خيم استقرار ومبيت ضباط وجنود العدو الإسرائيلي في المقر المستحدث لقيادة كتيبة المدفعية 411 في جعتون. كما استهدفت، رداً على اعتداءات على بلدة كفركلا وشيحين، مقر قيادة «كتيبة السهل» في ثكنة بيت هلل بعشرات صواريخ «الكاتيوشا» ومبنى يستخدمه جنود العدو في مستوطنة المطلة ومبنى آخر في مستوطنة شلومي. واستهدف حزب الله، أيضاً، الأجهزة ‏التجسسيّة في موقع بركة ريشا، وتجمعاً لجنود العدو في محيط مثلث الطيحات، إضافةً إلى موقعَي رويسة ‏القرن والسماقة.
ونعى حزب الله أمس، الشهيد مصطفى حسن ياسين (ملاك) من بلدة كفرتبنيت في جنوب لبنان.