وردّ وزير الدفاع على قائد الجيش مستنداً إلى أنه لم يتطرّق إلى المادّة 55، بل اكتفى بالقرار 317 ولا سيّما «يمدّد (...) لقادة الأجهزة الأمنية والعسكريّة (...) ويحملون رتبة لواء»، وهو ما اعتُبر أنّه ينطبق على صعب ومصطفى بالاستناد إلى المادتين 26 و27 من المرسوم 102/83 اللتين تعتبران المجلس العسكري وما أنيط به من مهام وصلاحيات ومسؤوليات بمثابة سلطة قيادية عسكرية بالنسبة إلى باقي المؤسسات الرئيسية في وزارة الدفاع. كما رأى أنّ التمديد لهما يتماهى مع الأسباب الموجبة للتمديد لقائد الجيش ورؤساء الأجهزة الأمنيّة، خصوصاً في ما يتعلّق بـ«المخاوف من تمدّد الفراغ إلى المؤسسات العسكريّة والأمنيّة، وأن المصلحة الوطنيّة ودقّة المرحلة تفرضان اليوم أولويّة تعزيز المناعة الأمنية».
كما تقصّد سليم وضع صعب ومصطفى في «السلّة» نفسها بناءً على الأسباب الموجبة التي تضمّنها القانون: «التجارب الوطنيّة السابقة أثبتت أن الحل السليم لأي أزمة يكون بالسلّة المتكاملة ولا يكون بالحلول الترقيعيّة...»، إذ إنّ الوزير يعتبر أنّ مصطفى الذي يحال على التقاعد عام 2027 تنطبق عليه الشروط نفسها بالوظيفة والرتبة بتاريخ صدور القانون، وبالتالي فإنّ الاكتفاء بالتمديد لصعب واستثناء مصطفى منه «فيه استنسابيّة».
من الكتب إلى السيارات
وبعدما بدا أن العلاقة بين الرجلين تسلك الهيكليّة الإداريّة المُعتادة للتعبير عن الاعتراض، قرّر عون عدم الاكتفاء بالكتب والمراسلات، وانتقل إلى مرحلة «العقاب»، على حدّ تعبير بعض الضبّاط. وبحسب معلومات «الأخبار» أمر قائد الجيش بخفض عدد العسكريين المرافقين لصعب والمولجين بحمايته من 37 إلى 18، وسحب 3 سيارات من خمس موضوعة في تصرفه، وتمّ التشدّد مع مرافقيه، إذ حُبس سائق صعب لمخالفته القواعد العسكريّة بسبب «عدم حلق لحيته»! ولم تكتفِ «اليرزة» بذلك، بل أمرت بعدم فتح العارضة لسيارات صعب، الذي داوم في الوزارة أمس، بعدما ركن سيارته خارج العارضة ودخل إلى مبنى الوزارة سيْراً على الأقدام.
رئيس الأركان لا يوقّع قرارات المجلس العسكري ولم ينب عن قائد الجيش أثناء سفر الأخير
وعلمت «الأخبار» أنّ صعب تلقّى تهديداً بإمكانيّة محاكمته وملاحقته بحسب أحكام المادة 306 من قانون العقوبات في حال دخل إلى الوزارة بعد إحالته على التقاعد بعد شهرين (تنص المادة على أنّه «يُعاقب بالاعتقال المؤقت سبع سنوات على الأقل من اغتصب سلطة سياسية أو مدنية أو قيادة عسكرية، من احتفظ خلافاً لأمر الحكومة بسلطة مدنية أو قيادة عسكرية وكل قائد عسكري أبقى جنده محتشداً بعد أن صدر الأمر بتسريحه أو بتفريقه»).
رسائل عون لم تكن موجّهة إلى صعب، بل إلى الوزير مباشرةً للتأكيد على «المُعارضة الشديدة» لقراراته، في حين تؤكّد مصادر الجيش أنّ القرار بسحب المُرافقين من صعب لم يأتِ نتيجة قرار التمديد له بدليل عدم سحب كل المرافقين، وعزت السبب إلى كثرة عدد المرافقين الذي يفوق العدد المخصّص عادةً للضبّاط من رتبة لواء، في حين هناك حاجة إليهم في أماكن أُخرى. يُذكر أن لا مهمّات قد يُكلّف بها صعب، خصوصاً أنّه يُعد لواء من دون قيادة إحدى الإدارات في الوزارة، ووظيفته محصورة بمهام يُكلّف بها من قبل المجلس العسكري، باعتباره عضواً متفرغاً.
هكذا، تتحوّل «النكايات» بين قيادة الجيش ووزارة الدفاع إلى تصرّفات غير متوقّعة اعتاد عليها المتابعون؛ وبينما يتمسّك عون بعدم قانونيّة التمديد لصعب ومصطفى، يصرّ سليم، في المقابل، على أنّ قرار تعيين رئيس الأركان حسّان عودة خلافاً للأصول، كأنّه غير موجود. يُذكر أنّ الأخير يحضر جلسات المجلس العسكري ويتقاضى راتبه كضابط برتبة لواء، إلا أنّه لا يُشارك في المناقشات داخل الجلسات كأي عضو أصيل، ولا يوقّع على قراراته، ولا حتّى ناب عن قائد الجيش خلال وجوده خارج البلاد أخيراً، خصوصاً أن لا مرسوم صدر عن مجلس الوزراء بتعيينه.