«تراب عكار طاهر وهي لا تستقبل العملاء»، و«عكار تنبذ الخونة والعملاء»، و«لا طائفة ولا بلدة ولا دين للعميل»... تحت هذه الشعارات، وغيرها، اعتصم مئات الشبان أمس على طول الطريق من العبدة إلى بلدة الحاكور رفضاً لدفن العميل منير الشيخ (81 سنة) في مسقط رأسه تنفيذاً لوصيته.فبعد ثلاثة وعشرين عاماً من اندحار ابن الحاكور مع عملاء جيش لحد وجيش العدو الإسرائيلي، عاد السبت الماضي، جثة، عبر معبر رأس الناقورة، من فلسطين المحتلة التي أقام فيها منذ عام 2000 مع نجله أرز. ومع شيوع نبأ إعادة الجثة، شهدت المنطقة تحركات غاضبة ترفض دفن الشيخ في مسقط رأسه، ما أجبر العائلة على تأجيل الدفن الذي كان مقرراً مساء أمس وإبقاء الجثة في أحد المستشفيات، خصوصاً بعد تصاعد تهديدات بإنزال الجثة وحرقها ومنع وصولها إلى البلدة.
تجلس ميساء الشيخ بين أشقائها (من والدها منير) نمر وشمعون ودوري وسيمون، تحاول استيعاب ما يجري من حملات غاضبة. تجهد لتدوير الزوايا لعلها تتمكن من إقناع أهالي البلدة بتفهم موقفها والتعاطف معها. تقول لـ«الأخبار»: «لم نتوقع أن يكون رد الفعل بهذا الشكل»، مستغربة «تكبير الموضوع». وتضيف: «أخجل لكون والدي عميلاً، لكنني لم أره منذ التحرير عام 2000 عندما كنت في الـ14 من عمري»، بعدما لجأ مع والدتها سمية عرداتي (زوجته الثانية) وشقيقيها سابا وأرز إلى الأراضي المحتلة، مشيرة إلى أنه منذ أكثر من عشرة أعوام، انقطع التواصل به بسبب توقيفها وسجنها مع شقيقها دوري لعدة أيام بتهمة التواصل مع عائلتها. وتضيف: «الصليب الأحمر الدولي أبلغنا أن والدي توفي، وكان أوصى بأن يدفن في لبنان. تواصل أخي مع أقربائنا في أستراليا الذين تواصلوا معنا لترتيب الأمور».
هدد المحتجون بإحراق الجثة ما اضطر إلى تأجيل الدفن


وتلفت إلى أن والدتها توفيت ودفنت في فلسطين المحتلة بعد تعذر نقلها إلى لبنان. وقبل سبعة عشر عاماً، توفي شقيقها سابا بحادث سير، ونقل الصليب الأحمر الدولي جثته إلى لبنان «ودفناه في الحاكور من دون أي مشاكل، فلماذا كل هذه البلبلة اليوم هو بالنهاية والدي. ماذا أفعل به؟»، مؤكدة «أننا ألغينا العزاء وحذفنا النعوة لأننا لا نريد استفزاز أحد، وحصرت المراسم بالصلاة لراحة نفسه من قبل كاهن البلدة ودفنه ليلاً».
عائلة الشيخ في الحاكور وجوارها محسوبة على الحزب السوري القومي الاجتماعي. ما استنفر القوميين في عكار الذين تواصلوا مع رئيس بلدية الحاكور (القومي) جابر نصر لإبلاغه بـ«منع إقامة مجلس عزاء وحصر التنسيق بين البلدية وكاهن الرعية لإتمام الدفن بطريقة سريعة ومختصرة للغاية» بحسب مصادر معنية.
منفذ عام عكار في الحزب القومي أحمد السبسبي أكد لـ«الأخبار» بأن الجثة «لا تعني لنا شيئاً، لأن من كان يحملها تسبب بأذى لشعبنا وكان يتستر بالعدو الإسرائيلي. نحن لسنا مع إقامة عزاء، إنما سمحنا للجثة بأن تدفن كأي حجر تحت التراب. لكن لا يتم تكريم الميت بإقامة عزاء على الإطلاق».