تزداد قضية اختطاف إمام بلدة القرقف في عكار الشيخ أحمد الرفاعي تعقيداً بعد توقيف رئيس البلدية ونجله وابن شقيقه مساء أمس. ومع مرور اليوم الخامس على اختفائه من طرابلس، تتسع دائرة المشتبه فيهم في القضية التي حملت أبعاداً سياسية وطائفية في البداية، قبل أن تحمل أبعاداً عائلية لاحقاً.

ومنذ يوم أمس، ازداد التوتر في البلدة بعد عمليات الدهم التي نفذتها القوة الضاربة في فرع المعلومات وأسفرت عن توقيف رئيس بلدية القرقف يحي الرفاعي، وابنه محمد، وابن شقيقه عبد الكريم محمد الرفاعي. واللافت أنّ الأخير عنصر في القوة الضاربة. وبالتزامن، أوقف فرع المعلومات نجل يحيى الرفاعي، علي، في ببنين بعد أن كان متوارياً عن الأنظار.

وفي التفاصيل التي حصلت عليها «الأخبار»، أن مخابرات الجيش اللبناني أوقفت منذ يومين المدعو مصطفى ميقاتي أثناء مشاركته في قطع طريق عام المحمرة، والمعروف أنه اليد اليمنى لرئيس بلدية القرقف وأبنائه. وإثر التحقيقات معه «تبلغ مفتي عكار الشيخ زيد بكار زكريا بضرورة التحقيق مع يحيى الرفاعي وابنه لكون كل المعطيات تؤكد أنّ خلفية اختطاف الشيخ أحمد عائدة إلى خلافات عائلية ومشاكل قديمة وليس لها أي علاقة على الإطلاق بمواقف الشيخ أحمد الرفاعي وتصريحاته المناهضة للنظام السوري وحزب الله».

وبناءً على ذلك، تمنى زكريا من مخابرات الجيش التمهل حتى صباح اليوم منعاً لتدهور الوضع الأمني ليلاً في البلدة، وبالفعل التزم الجيش بالأمر، وعمل على تطويق البلدة بسرية. وفي تمام الساعة العاشرة والنصف ليلاً وبعد توافر معطيات دقيقة لدى فرع المعلومات، وبناء على تحليل كاميرات المراقبة والتي أظهرت بوضوح السيارات وهي من نوع «كيا سيراتو» سوداء اللون، إضافة إلى تحليل داتا الاتصالات، أقدم فرع المعلومات على دهم منزل يحي الرفاعي، وإلقاء القبض على ثلاثة شبان هم علي ومحمد وابن شقيقه. وتمّ الاستماع إلى رئيس البلدية قبل أن يخلى سبيله ويعود إلى منزله بعد منتصف الليل.

وفي الصباح عملت القوى الأمنية على الانتشار في البلدة، وتسيير دوريات كما عاد رئيس البلدية إلى التحقيق لدى فرع المعلومات.

وأفادت معطيات أمنية أنّ «الأمور تتجه لمعرفة من هم المتورطون الحقيقيون في القضية، وما إذا كان رئيس البلدية يعلم بالأمر»، مؤكدة أنّ «الساعات المقبلة ستحمل أجوبة بالنسبة لتحديد هوية الخاطفين ومصير الشيخ أحمد الرفاعي الذي فقد يوم الإثنين في منطقة الميناء في طرابلس، فضلاً عن تحديد صاحب القفازات والسترة التي تم العثور عليها في مكان العملية».

في المقابل، نزل خبر التوقيفات كالصاعقة على مشايخ عكار ورجال الدين، الذين عقدوا يوم أمس مؤتمراً صحافياً بمشاركة رئيس البلدية يحي الرفاعي الذي أكد في كلمة له، أنّه مستعد للمثول أمام أي جهاز أمني للتحقيق معه بما يخدم قضية الشيخ أحمد، مطالباً بعدم تحريف القضية عن مسارها، وداعياً إلى عدم الاصطياد بالمياه العكرة».

وكان المشايخ قد طالبوا القوى الأمنية بالتحرّك والكشف عن مصير الشيخ المختطف، وعدم التحصن بالصمت، ملوّحين بالتصعيد، لأن هذه القضية تمسّ كلّ مشايخ عكار.

وفي هذا السياق، تمنى الدكتور عبد الرحمن الرفاعي «أن لا تثبت التهم على الشيخ يحيى الرفاعي وأي من أفراد عائلته، لأننا سنكون أمام باب لا يغلق، لأن قضية الشيخ أحمد قضية كل البلدة». متسائلا: «هل يعقل أن يتحول أي خلاف شخصي أو عائلي أو سياسي إلى عملية اختطاف وغيرها؟».

القوات اللبنانية كانت طرفاً في القضية منذ بدايتها، عبر الاهتمام اللافت بكشف مصير الشيخ أحمد المعادي للنظام السوري وحزب الله وإيران. وبعد انكشاف احتمال وقوف أفراد من آل الرفاعي خلف خطف الشيخ أحمد، خفّض رئيس «القوات» سمير جعجع من مواقفه العالية وغرّد مطالباً الأجهزة الأمنية «بكشف ملابسات الحادثة وإعادة الشيخ سالماً إلى عائلته اليوم قبل الغد»، متجاهلاً المستجدات العائلية.