فتحت إحالة وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال، بسّام مولوي، إلى محافظ الشّمال رمزي نهرا ورئيس بلدية طرابلس أحمد قمر الدين قرار مجلس شورى الدولة القاضي بإبطال سحب الثقة من رئيس البلدية السّابق رياض يمق، في جلسة عقدها المجلس البلدي في 1 آب الماضي، الباب مجدّداً أمام مسلسل جديد من التجاذبات التي تغرق فيها بلدية عاصمة الشّمال منذ أشهر، وأدّت إلى شلّها بالكامل.

والقرار الذي أحاله مولوي إلى نهرا في 25 تشرين الأوّل الماضي، وأحاله الأخير إلى بلدية طرابلس في 31 من الشّهر نفسه «لأخذ العلم والمقتضى»، يشير إلى موافقة شورى الدولة على مراجعة يمق «الرامية إلى المطالبة بإبطال القرار الصادر عن بلدية طرابلس، رقم 116 في 1 آب الماضي، المتضمّن سحب الثقّة من المستدعي، وإصدار القرار بإعلان عدم شرعية مذكرة الدعوة رقم 1248 تاريخ 18 / 7 / 2022»، التي سبقت جلسة سحب الثقة.

هذه الإحالة أدخلت بلدية طرابلس في دائرة جديدة من السّجالات والتجاذبات التي لم تخرج منها بعد. ذلك أنّ يمق والمؤيّدين له اعتبروا أنّ القرار يعني «عودته مجدّداً إلى رئاسة البلدية، وبأنّ على نهرا تنفيذ قرار مجلس شورى الدولة وإحالة وزير الداخلية إليه فوراً، واعتبار كلّ ما حصل منذ جلسة سحب الثقة من يمق وصولاً إلى انتخاب أحمد قمر الدّين رئيساً بدلاً منه باطلٌ ولا أساس قانونياً له، وأنّ القرار ثبّت شرعيته وأعاد الحقّ إلى أصحابه».

وبانتظار أن يُنفّذ نهرا قرار مجلس شورى الدّولة وإحالة مولوي إليه، أعلن يمق «الاستعداد لتجاوز كلّ خلافات الماضي، والعمل مع المجلس البلدي بروحية جديدة لما فيه مصلحة المدينة ككل»، وأنّه تجاوز المرحلة الماضية بكلّ رواسبها، داعياً الأعضاء المعترضين إلى «ملاقاتي في منتصف الطريق، حفاظاً على مصلحة طرابلس وأبنائها».

لكنّ خصوم يمق والمقرّبين من الرئيس الحالي أحمد قمر الدين وأعضاء في المجلس البلدي لهم وجهة نظر مختلفة لا توافق رأي يمق ومؤيديه. فقد أوضح عضو البلدية ورئيس لجنة البيئة والطاقة نور الأيوبي لـ«الأخبار» أنّ «قرار مجلس شورى الدولة يلحظ فقط رفضاً لقرار سحب الثقة من يمق، لكن لا يوجد فيه أيّ بند يلغي قرار انتخاب أحمد قمر الدين رئيساً لبلدية طرابلس»، مشيراً إلى أنّ يمق «صرّح أكثر من مرّة أنّه مع توافق أعضاء المجلس البلدي إذا قرّروا انتخاب رئيس بدل عنه، وأنّه غير متمسّك بتاتاً بالمنصب، وقد اجتمع 14 عضواً وسحبوا منه الثقة قبل انتخابهم بديلاً عنه»، متمنياً على يمق «دعم جهود المجلس البلدي لمعالجة الأوضاع التي نحن بأمسّ الحاجة إليها، وتخفيف الأعباء عن كاهل المواطنين».

غير أنّ هذه «الفذلكة» القانونية غير المسبوقة التي نتج منها في النّهاية وجود رئيسين لبلدية طرابلس يدّعي كلّ منهما الشّرعية لنفسه، أحدهما وهو يمق الذي اعتبر مجلس شورى الدولة أنّ قرار سحب الثّقة منه باطل، والآخر وهو قمر الدين الذي انتخبه المجلس البلدي في 19 تشرين الأوّل الماضي، ينتظر المعنيون من يحسم الجدل الدّائر حولها، وإنهاءها، قانونياً وسياسياً، ووضع حدّ لحالة الشّلل التي تعاني منها البلدية والمدينة على حدّ سواء، وتنعكس على مجمل نواحي الحياة في عاصمة الشّمال.