«دعماً للرئيس ميشال عون»، توجّه مناصرون وحزبيون في التيار الوطني الحرّ إلى بعبدا اليوم. من مختلف المناطق وصلوا، حاملين اللافتات والصور المؤيّدة لعون، منها ما يعود إلى ثمانينيات القرن الماضي، يوم كان لا يزال قائداً للجيش اللبناني، وبحاجةٍ إلى الدعم الشعبي بوجه الجيش السوري وميليشيات الحرب اللبنانية. في 17 تشرين الأول، انطلقت انتفاضة شعبية قوامها المطالبة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية المحروم منها اللبنانيون، فلماذا وَجد العونيون مُجدّداً أنّهم أمام «خطر»، يستدعي منهم تنظيم تظاهرة مُضادة، والعودة إلى بعبدا؟ لأنّ «الأمور كانت تُشبه لعبة الدومينو. في البدء أرادوا استهداف (وزير الخارجية) جبران باسيل، ثمّ الرئيس ميشال عون، وصولاً إلى إسقاط المقاومة»، يقول مارك، أحد المشاركين. أما بالنسبة إلى بيار، فـ«كانت الانتفاضة في أيامها الأولى عفوية، والمطالب هي مطالبنا أيضاً». لماذا إذاً لست في الساحة إلى جانب المعتصمين الآخرين؟ يُجيب الرجل بأنّ «قوى عدّة دخلت على الانتفاضة، وأرادت تحويرها لمصلحتها... هذا الزلمي (ميشال عون) أملنا الوحيد». لا يزال هو «الأمل»، رغم انقضاء نصف الولاية الرئاسية، في غياب أي «إنجاز» يُذكر؟ «جاب معو على الحكومة ناس تَقَلّوا عليه»، تقول تلك السيّدة مُبرّرة لفريقها السياسي، هي التي ما إن سمعت صوت عون ينده «يا شعب لبنان العظيم»، حتّى بدأت تصرخ وتقفز في مكانها فرحاً، طالبةً من الناس حولها الصمت لتسمع الكلمة. من على المنصّة داخل قصره، أطلّ عون قائلاً:
- كثرت الساحات التي لا يجب أن تكون ساحة ضد أخرى وتظاهرة ضد أخرى.
- أدعو الجميع الى الاتحاد لأن الساحات الجديدة يلزمها الدعم والجهاد.
- رسمنا خارطة طريق تشمل نقاطاً ثلاثاً: محاربة الفساد والنهوض بالاقتصاد وإرساء الدولة المدنية. وهذا لا يمكن تحقيقه بسهولة ونحن بحاجة إلى جهدكم، وإلى ساحة تتألف منكم ومن كل الذين تظاهروا لتدافعوا عن حقوقكم.
- أنا معكم، ومن خلالكم أرى شعب لبنان كله.
حوصر المتظاهرون في بقعة جغرافية لم تتعدَّ الكلم الواحد


حاول المنظمون إقناع المُشاركين بخفض الأعلام البرتقالية، «إذا كنتم فعلاً تُحبّون الرئيس»، والاكتفاء برفع العلم اللبناني. قلّة استجابت لطلبه، وبقيت ترفع علمها الحزبي، خاصة أنّ معظم الأناشيد والأغاني التي وُضعت خاصة بالتيار الوطني الحرّ. حُوصر المتظاهرون في بقعة جغرافية لم تتعدَّ الكلم الواحد، ومن دون أن يصلوا إلى القصر الجمهوري. منصّة الاحتفال، وُضعت على المفرق المؤدي إلى المقرّ، وإليها شقّ جبران باسيل طريقه بصعوبة بين المتظاهرين وعلى وقع هتاف «هيلا هيلا هو... جبران باسيل منحبو». في كلمته، لم يتناول رئيس التيار الوطني الحرّ موضوع تشكيل الحكومة الجديدة، مُركزاً على أنّ تظاهرة اليوم «مُكمّلة» للاعتصامات الأخرى.
وأبرز ما جاء في كلمة باسيل:
- لا نقدر وحدنا من خلال المؤسسات الدستورية فقط أن نحقق التغيير الكامل، وصار لزاماً أن تشاركوا معنا أكثر.
- سبقنا الناس وبدأوا، ونحن هنا لا لنناقضه أو نواجهه، بل بالعكس لنكمل سوياً فيه.
- لسنا كلنا فاسدين وزعراناً، الفاسدون هم من عمّروا قصورهم من مال الدولة، الزعران هم من ركّبوا الحواجز وأخذوا الخوات وذكّرونا بالميليشيا وبأيام الحرب.
- اليوم نرفع شعار «سرية حصانة استرداد» حتى نسترد أموالنا التي تسد لنا عجزنا.
- الأولوية هي لتأخير الانهيار وليس لتسريعه. لننظف سياستنا ولننجُ من الانهيار ووقتها نحقق مطلبنا بأن تصبح لدينا دولة مدنية من دون أن نقلب النظام بل بتطويره من خلال دستورنا.
- أول عملية «أيادي نظيفة» يفرضها الشعب هي أن يُلزم كل المسؤولين والموظفين بكشف حركة حساباتهم أمام هيئة التحقيق الخاصة بمصرف لبنان، وتتشكل إذا لزم الأمر هيئة قضائية خاصة يرأسها رئيس المجلس الأعلى للقضاء.
- فشلنا في الإصلاح بالتراضي لأن بين الفاسدين شبكة مصالح كانت أقوى من قدرتنا السياسية وحدها.
- أخطأنا بأننا التهينا بالعمل والمشاريع وكان همّنا الإنجاز أكثر من التصدي للذين يكذبون ويشوّهون صورتنا .
- انتقلنا من «كلّن» إلى «لوحدن» لأنّ الهدف من الأساس هو إسقاط العهد وحذفنا السياسي.
- فخرنا التسوية مع مكوّن رئيس في وطننا لنحصّن بلدنا من دون أن تكون التسوية على الحسابات المالية أو مساومة على حساب الوطن.