أمراء «شراء الصمت» يتقنون، كما تبيّن وثائق «ويكيليكس» السعودية، فرض سياساتهم والطاعة الإعلامية بدفع الأموال، لكنهم يعرفون أيضاً كيف يقطعون مصادر تلك الأموال ويتحكّمون في رقاب المستفيدين منها. لعلّ المثل اللبناني الأبرز على كيفية تعامل آل سعود مع المؤسسات الإعلامية لمجرّد شكّهم في أن إحداها خرجت عن طاعتهم هو مثال «المؤسسة اللبنانية للإرسال» LBCI عام ٢٠١٢.
السفير السعودي في بيروت، الذي يؤدي دور «مطاوع» الإعلام اللبناني أحياناً، ينقل لخارجيته في برقية أن قناة «إل بي سي»، «بثّت أخباراً تفيد أن الرئيس اللبناني ميشال سليمان طلب من وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل التوسط مع إسرائيل بشأن مزارع شبعا» (لم تنفِ الخارجية في برقيتها صحة الخبر ولم تؤكّده). السفير السعودي رأى على ما يبدو، أن قيام المحطة اللبنانية ببث أخبار كهذه عن المملكة مخالف للقواعد المتعارف عليها مع بعض الإعلام اللبناني، وها هو ينبّه الرياض إلى أنه «لا يستبعد أن تذهب المحطة في مواقفها الى التطرف في ما تبثّه ضد المملكة».
ولشرح رؤيته تلك عرض السفير على خارجيته الأسباب الكامنة وراء ما فعلته المحطة، فقال إن «إل بي سي» «باتت متأثرة في مواقفها بالنزاع الدائر بين الأمير (السعودي) الوليد بن طلال وبيار الضاهر». وأضاف سبباً آخر هو «توقف الدعم المالي عن الصحافيين والإعلاميين ومحطات التلفزة اللبنانية»، واضعاً كل ذلك وسط أجواء «محاولة إيران السيطرة على الفضاء الإعلامي العربي».
ولمواجهة ذلك، اقترح السفير «الضغط على القناة إذا تمادت في مواقفها ضد المملكة عبر شركة الإعلانات «شويري غروب»» (مجموعة شويري الإعلانية)، موضحاً أن الأخيرة هي «شركة إعلانات لبنانية لها مصالح واسعة في المملكة، وتتحكم في جزء واسع من السوق الإعلاني في لبنان».
وفي برقية اخرى ينقل السفير علي عواض العسيري للخارجية «معلومات» تفيد «أن إيران على استعداد لتمويل بيار الضاهر مالك محطة LBC بشرط تركيزها على الشيعة في المملكة والخليج”.
العسيري أرفق «معلوماته» تلك باقتراح يقول إنه «اذا تعسر الوصول الى تسوية مع الضاهر يجري إيقاف الإعلانات التجارية وخاصة من قبل مجموعة MBC” مع «بحث إيقاف المحطة عبر أقمار البث العربية». اقتراح العسيري لاقى ترحيباً من قبل الخارجية ووزارة الثقافة والإعلام السعودية وصدر «توجيه كريم بالموافقة عليه».
وزير الثقافة والإعلام التقى بدوره كلّا من بيار الضاهر ومساعد الوليد بن طلال وليد عرب هاشم، وأفاد بأن قناة «إل بي سي اللبنانية المملوكة من الضاهر «لا تمتلك حق البث على الفضاء وإنما يقتصر بثها على أراضي لبنان فقط، وتخضع للقانون اللبناني». لذا، «أيّد» وزير الثقافة والإعلام إيقاف الإعلانات التجارية على المحطة في حال استمرار الضاهر في موقفه، وكذلك إيقاف بث محطته عبر الأقمار الصناعية (نورسات)».