تُقرّ مصادر الكتائب والقوات بأن «الناس ما ردّت علينا»مقالات مرتبطة
القوات اللبنانية تُقدم نفسها دائماً على أنها حزب المعارضة المترفع عن المناصب، مهما علا شأنها. يكفي أن تتعارض مع مبادئها. يتغنّى الحزب بأن من تجرّع كأس سجن قائده إحدى عشرة سنة في زنزانة مساحتها متر ونصف، لن تغريه المراكز. أما حزب الكتائب، فقد بُنيت عليه الآمال الكبيرة خاصة بعد التغيير في قيادته. فتى «لبناننا»، النائب سامي الجميّل، رسم لنفسه صورة الناقم على النظام في لبنان، والمؤهل لقيادة تيار يستقطب الجيل الجديد المعترض على الأحزاب التقليدية! المقرّبون منه يرون أن ما "زاد من إيمان الناس به"، وقوفه كتفاً بكتف مع شباب المجتمع المدني في ملّف النفايات، قبل التحول إلى مرصد للفساد، وتقديم حزبه بصفته ممثل المعارضة داخل مجلس الوزراء، ليُبرر بذلك عدم استقالة وزرائه من حكومة تمام سلام. ولكن القوات والكتائب لم يكونا على مستوى «الهبّة» الشعبية في بيروت، فضلاً عن الانكفاء إلى تحالفاتهما للحفاظ على تمثيلهما السياسي و«حفظ رأسيهما»، فأتاهما الرد من داخل بيتيهما. مناصرو الكتائب والقوات هم جزء من «الموجة» الجديدة التي بدأت ترتفع في المدينة، مناديةً بالتغيير.
في قراءة لنتائج بلدية بيروت التي بيّنت أنّ الكتائب والتيار الوطني الحر والقوات اللبنانية والطاشناق وميشال فرعون لم يتمكنوا مجتمعين من "المونة" على أكثر من 7 في المئة من أصوات الأشرفية والصيفي والرميل. تنفي مصادر الكتائب والقوات أنّ يكون قرار رسمي منهما وراء الإحجام عن التصويت لـ"البيارتة"، وتُقرّ بأن «الناس ما ردّت علينا». هي صفعة بالنسبة إليهما وتأكيد على «ضرورة إدخال تعديلات على خطابنا السياسي».
نتائج دائرة بيروت الأولى لم تكن على قدر التمنيات، على الرغم من «تمني» النائب ميشال عون ورئيس القوات سمير جعجع على مناصريهما عشية الانتخابات التصويت لـ«البيارتة»، ما اضطر الحريري إلى الردّ أول من أمس: «هناك حلفاء فتحوا خطوطاً لحساب مرشحين من خارج اللائحة، بشكل كان من الممكن أن يهدد المناصفة، وهذا أمر لا يشرف العمل السياسي ولا العمل الانتخابي». المستقبليون مستاؤون من «طعن» حلفائهم، ومن المتوقع أن يردوا الصاع في وزاراتهم عبر إقفال «حنفية» خدماتهم. شعر الكتائبيون بجدية كلام الحريري، فطلب الجميّل من عدد من الحزبيين عدم طلب أي خدمة من مسؤولي «المستقبل» في الوقت الراهن. مصادر الحزب لا ترى أنه سيكون لهذا الأمر «ارتدادات سياسية عظيمة»، ولكنها تؤمن بأنه «يجب أن نعود إلى المكان الذي يُشبهنا». أما بالنسبة إلى القوات اللبنانية، فنتائج الانتخابات تُظهر «أنه بخلاف التلميحات التي أطلقها الحريري وبدا منها أنه يغمز من قناة المسيحيين من حلفائه، فإن المسيحيين التزموا بالتصويت للائحة البيارتة». وتشرح المصادر أنّ «المرشحة يسرى صيداني (سنية) حلت أولى في دائرة بيروت الاولى (7211 صوتاً)، فيما حلّ المرشح القواتي ايلي يحشوشي في المرتبة الأخيرة في دائرة بيروت الثالثة (24250 صوتاً)». تستند المصادر القواتية إلى الأرقام للتأكيد على «التزام القوات بالتصويت بخلاف حلفاء المستقبل الآخرين». لكن هذه القراءة تتجاهل الحقيقة التي لا لُبس فيها: لائحة الحريري وشركاه خسرت في الأشرفية ــ الصيفي ــ الرميل، لحساب لائحة "بيروت مدينتي".
نائب الأشرفية وعضو المكتب السياسي الكتائبي نديم الجميّل يقول لـ«الأخبار» إنّ «التأخير في تشكيل لائحة المخاتير هو الذي أثّر في حماسة الناس. لو أن الحبكة حيكت بشكل أفضل لأتت النتائج مغايرة». ولكنه يُنكر تهمة أن الأحزاب لم تكن جدية كفاية في هذه المعركة، ويؤكد أنه «كنائب وكعضو حزبي كنا ناشطين جداً، وكان لدينا مرشحون نريدهم أن يفوزوا. حصل تقصير نعم، ولكن هذا الأمر نتحمل مسؤوليته نحن والحريري».
خلاصة نهار الأحد، بالنسبة إلى الجميّل، كانت إثبات أنّ «الرأي العام ممتعض من سياسة كلّ الأحزاب. من واجبنا حالياً أن نعيد قراءة الوقائع ومواكبة التغيير في الشارع. وأنا في صدد إعلان أمر في هذا الإطار في القريب العاجل».