مع مغادرة وزير الحرب الإسرائيلي، يوآف غالانت، إلى واشنطن التي تعتبره «الراشد الوحيد في الغرفة»، أي في حكومة بنيامين نتنياهو، بحسب توصيف الصحافة الإسرائيلية، تفاقم الخلاف بين البيت الأبيض ورئيس وزراء العدو، الذي أعاد اتهام الرئيس جو بايدن بـ«إعاقة وصول الأسلحة إلى إسرائيل»، على رغم الاحتجاجات الأميركية على الفيديو الذي أطلق فيه الاتهامات نفسها قبل نحو أسبوع، وإن كان عاد وقال، أمس، إن الخلاف «قد يُحل قريباً». والظاهر أن ثمة رهاناً أميركياً على غالانت لترويض رئيس الوزراء ودفع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في الاتجاه الذي تريده واشنطن، التي فشلت في تحقيق ذلك من خلال تشجيع تطعيم حكومة الحرب المنحلّة بالوزيرين بني غانتس وغادي آيزنكوت. ويختلف غالانت، بدوره، مع نتنياهو، على رغم أنه عضو في «حزب الليكود» بزعامة الأخير، مطالباً بخطة أكثر وضوحاً لما بعد الحرب، لا تترك المسؤولية في القطاع في يد إسرائيل، وهو المطلب الأثير لإدارة بايدن منذ ما قبل بدء العملية البرية في غزة.وخلال اجتماع الحكومة الأسبوعي، جدّد نتنياهو اتهاماته لإدارة بايدن، قائلاً إنه «كان هناك انخفاض كبير في إمدادات الأسلحة القادمة من الولايات المتحدة إلى إسرائيل منذ أربعة أشهر. ومع أننا تلقينا كل أنواع التفسيرات، ولكن الوضع بحدّ ذاته لم يتغيّر». لكنه أضاف أنه «في ضوء ما سمعته في اليوم الأخير، آمل وأعتقد أن هذه القضية سيتم حلها في المستقبل القريب». ورداً على الاتهامات الجديدة، نقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن مسؤول في البيت الأبيض القول إن الإدارة أوضحت موقفها، ولن تستمر في الرد على تصريحات نتنياهو السياسية، بل تتطلّع إلى إجراء «مشاورات بنّاءة» مع غالانت.
ويبدو أن إصرار نتنياهو على اتهاماته لبايدن وعلى تصعيد الخلاف، له مآرب سياسية في واشنطن ذاتها، ولا سيما أن الضغوط الداخلية تتعاظم على الرجل، من الخلافات في حزب «الليكود»، وصعوبة التوفيق بين الجيش ومتطرفي حكومته، إلى التظاهرات المتعاظمة ضده في الشارع والتي تطالب بإقالته وبعقد صفقة مع حركة «حماس» لإعادة الأسرى من القطاع. ولهذا، يسعى نتنياهو لنقل المعركة إلى الولايات المتحدة نفسها، لأنه يعتبر إدارة بايدن سبب مشاكله الداخلية تلك. وفي هذا السياق، يتخوّف البيت الأبيض، بحسب ما ورد في تقرير لصحيفة «بوليتيكو» الأميركية، من أن يغتنم نتنياهو خطابه المقرّر في الكونغرس الأميركي في 24 تموز المقبل، لانتقاد بايدن وتكرار الاتهامات له بإعاقة وصول السلاح والذخائر إلى إسرائيل، ما قد يضرّ بالأخير في انتخابات الرئاسة المقررة في الخامس من تشرين الثاني المقبل. وتقول الصحيفة نفسها إن نتنياهو لم يُدعَ إلى البيت الأبيض حتى الآن، على رغم أن الوقت ما زال متاحاً لذلك، معتبرة أن عدم توجيه دعوة سيُعتبر صفعة على وجه رئيس الوزراء الإسرائيلي. وبالفعل، ينوي بعض أعضاء الكونغرس الديموقراطيين مقاطعة الخطاب على رغم أن الدعوة وُجّهت إلى نتنياهو من أعضاء الحزبين.
تزايد الضغوط على نتنياهو يدفعه لنقل المعركة إلى واشنطن


وخلال الأيام الماضية، تعاظمت المشكلات الداخلية لنتنياهو، إذ لم يكن غالانت الوحيد في «الليكود» الذي يختلف معه في ما يتعلق بالعلاقة مع إدارة بايدن، بل انتقد رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في «الكنيست»، يولي إدلشتاين، أيضاً فيديو رئيس الوزراء، آملاً في أن «تحقّق المناقشات خلف الأبواب المغلقة أشياء أكثر بكثير من تلك التي تتحقّق عبر محاولات الضغط باستخدام مقاطع الفيديو»، في إشارة إلى زيارة غالانت لواشنطن. وبحسب تصريحات وزير الحرب الإسرائيلي قبيل مغادرته، فإن النقاش مع المسؤولين الأميركيين سيتركّز على «الانتقال إلى المرحلة الثالثة في غزة» بعد الانتهاء من عملية رفح، التي لا يزال بعض المسؤولين الإسرائيليين يتصوّرون أنها ستؤدي إلى «القضاء على حركة حماس»، ما يفتح الباب أمام تقليص القتال، على رغم أن الحركة لا تزال تقاتل في كل أنحاء القطاع، وتُنزل الخسائر اليومية الفادحة في القوات الإسرائيلية. وبحسب تقرير أوردته وكالة «رويترز»، يربط بعض المسؤولين الإسرائيليين، ومنهم غالانت، بين تكثيف جيش الاحتلال الهجوم على رفح في الأيام الأخيرة، واحتمال تحوّل التركيز بعد ذلك إلى «حزب الله»، الذي سيكون القتال معه بنداً رئيسياً في زيارة غالانت، في ظل ما يبدو أنه تحوّل أميركي من الدعوة إلى عدم توسيع الحرب، إلى التعهد بمؤازرة العدو في حال حصولها.
وفي مقابلة مع «القناة 14» كان قد أرجأها قبل أيام ، وهي الأولى له مع وسيلة إعلام إسرائيلية منذ بدء الحرب قبل تسعة أشهر، اعتبر نتنياهو أن المعارك العنيفة في رفح «على وشك الانتهاء»، لكنه استدرك بأن «هذا لا يعني أن الحرب على وشك الانتهاء»، مضيفاً أنه «بعد انتهاء المرحلة العنيفة، سنعيد نشر بعض قواتنا نحو الشمال، وسنفعل ذلك لأغراض دفاعية بشكل رئيس، ولكن أيضاً لإعادة السكان إلى ديارهم». كما قال «إننا لا نغفل إمكانية حدوث هجوم في الضفة الغربية مماثل لما حدث في 7 أكتوبر. ونحن مستعدون لذلك».