لن تقبل صنعاء أن تستيقظ يوماً لتجد أمنها القومي في قبضة التطبيع الأمني
ويبدو أن التطورات في المنطقة وحاجة الإدارة الأميركية إلى تسجيل أي إنجاز خارجي قبل موعد الانتخابات في الخامس من تشرين الثاني المقبل، تدفع في اتجاه تعزيز الشراكات الأمنية بما يخدم الكيان الإسرائيلي. وهذا ما أعلنه مستشار الرئيس الأميركي للأمن القومي، جايك سوليفان، الشهر الماضي، حين قال إن الولايات المتحدة تعمل على توسيع وتعزيز أنظمة الدفاع الجوي والصاروخي في الشرق الأوسط، في أعقاب الهجوم الإيراني على إسرائيل. ومن المؤكد أن العراق واليمن مستهدفان بالاتفاقات الأمنية المذكورة، وأن اليمن بالتحديد، بما يملك من قرار سيادي كامل، وموقع جغرافي مميّز، وإمكانات عسكرية، لن يقبل أن يستيقظ يوماً ليجد أمنه القومي في قبضة التطبيع الأمني بين بعض عواصم الخليج وكل من واشنطن وتل أبيب. ولذا، فهو ينظر إلى ذلك التطبيع باعتباره مدخلاً عسكرياً إلى تطورات ميدانية محتملة في أي لحظة إستراتيجية، يرى فيها الجانبان الأميركي والإسرائيلي منطلقاً يسمح بتسجيل نقاط داخل الأراضي اليمنية.
وفي هذا السياق، جاء توجيه الحوثي «نصيحة أخوية» إلى ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، بالقول: «لا تذهب إلى التطبيع مع إسرائيل ولا ترم نفسك عند أميركا لكي تحمي نفسك من شعبك ومن جيرانك. أميركا ستحلبك وستبتزّك... فقط عدّل من سياساتك مع جيرانك وكن قريباً من أبناء شعبك، وستحلّ المشكلة». كذلك، وانطلاقاً ممّا يُعرف بـ«الحرب الاستباقية»، التي تُجيز لليمن ومجمل فصائل «محور المقاومة» ودوله حق المبادرة، فإن تكثيف التشاور، إضافة إلى التنسيق الميداني، لا يفتأ يتحوّل إلى أمر واقع، وخصوصاً أن الجانبين اليمني والعراقي يشتركان في أكثر من ساحة، كما أن كليهما أعلنا أن عملياتهما العسكرية ستمتدّ إلى البحر الأبيض المتوسط لتضييق الحصار على العدو، الأمر الذي يستدعي أعلى مستوى من التنسيق العملياتي والاستخباراتي.
ويذكر أن ثمة أحداثاً جرت أثناء الحرب على اليمن، تم تصويرها بشكل غير رسمي على أنها تعاون يمني - عراقي، ومن بينها:
- عام 2019، ادعى مسؤولون أميركيون أن الهجمات بطائرات مسيّرة على منشآت «أرامكو» في بقيق وهجرة خريص، نُفّذت انطلاقاً من أراضي العراق الجنوبية. وأفادت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، حينها، نقلاً عن هؤلاء، أنه تم التوصّل إلى هذا الاستنتاج ونقله وزير الخارجية الأميركي في حينه، مايك بومبيو، إلى رئيس الوزراء العراقي، عادل عبد المهدي، في اتصال هاتفي معه. غير أن واشنطن تراجعت عن اتهام العراق بالمسؤولية عن الهجمات على «أرامكو».
- وفي الثاني من شباط 2022، تبنّت «ألوية الوعد الحق» عملية استهداف من الأراضي العراقية للإمارات بطائرات مسيّرة، على إثر هجوم أبو ظبي المدعوم أميركياً في محافظة شبوة اليمنية، في محاولة لضرب خاصرة هجوم صنعاء على محافظة مأرب. وربطت الإمارات عدم سماحها، الشهر الماضي، للطائرات الحربية والمسيّرة الأميركية المتمركزة في قاعدة الظفرة الجوية في عاصمتها، بتنفيذ ضربات في اليمن والعراق، بما وصفه مسؤول إماراتي «بطء الاستجابة الأميركية» بعد تعرّض بلاده للاستهداف، وفقاً لـ«وول ستريت جورنال».