ومع ازدياد منسوب الضغوط الأميركية، اتخذت إسرائيل، بعد الكشف عن فحوى المكالمة الهاتفية، عدة قرارات بدت أنها استجابة سريعة لطلبات بايدن، إذ أعلن الجيش الإسرائيلي أنه يأخذ «على محمل الجد الحادث الخطير الذي أودى بحياة 7 عمال إغاثة أبرياء ونعرب عن حزننا للخسارة»، مشيراً إلى أن الاستهداف «نتج من خلل وخطأ في التحديد واتخاذ القرار بشكل مخالف لأوامر إطلاق النار»، وأن «نتائج التحقيق الداخلي تظهر أنه كان من الممكن منع» حادث الاستهداف. وفي السياق نفسه، أعلن الجيش إقالة رئيس هيئة الأركان هرتسي هليفي، قائد لواء «ناحال» (أحد ألوية النخبة المشاة)، وضابط آخر برتبة عقيد، فضلاً عن توبيخ قائد المنطقة الجنوبية، وقائد الفرقة 162 المدرّعة، وقائد لواء. ويُضاف إلى ذلك، اتخاذ «خطوات فورية» لزيادة المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، في محاولة لامتصاص الضغوط الدولية عقب الهجوم على قافلة منظّمة «ورلد سنترال كيتشن» في منطقة دير البلح. وبحسب ما صدر عن مكتب نتنياهو، فقد خوّل «الكابينت» كلاً من بنيامين نتنياهو، ووزير الحرب، يوآف غالانت، والوزير بيني غانتس، «اتخاذ خطوات فورية لزيادة المساعدات الإنسانية للسكان المدنيين في غزة»، لـ«منع حدوث أزمة إنسانية، وهي خطوات ضرورية لضمان استمرار القتال وتحقيق أهداف الحرب»، من خلال بعض المعابر البرية.
اتّخذت إسرائيل عدة قرارات بدت أنها استجابة سريعة لطلبات بايدن
لكن ما جرى الإعلان عنه، سرعان ما عاكسه وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، وهو أحد أعضاء «الكابينت»؛ إذ نفى صحة بيان نتنياهو، ووصفه بأنه «ببساطة، غير صحيح»، وكشف أن أعضاء «الكابينت» لم يصوّتوا على «تخويل غالانت وغانتس» بشأن زيادة المساعدات الإنسانية لغزة. وأكد بن غفير أنه وغيره من الوزراء «عارضوا الاقتراح، ومن المؤسف أن رئيس الحكومة تجنّب طرحه للتصويت». واعتبر أن «الطريقة الصحيحة لإعادة الرهائن هي وقف إدخال المساعدات إلى غزة، واشتراط الحصول على خطوات إنسانية مقابل خطوات إنسانية. ومن المؤسف أنه بدلاً من الدخول إلى رفح، هناك من يفضّل الانخراط في إدخال معدات إلى غزة تنتهي مباشرة في أيدي حماس». وختم بن غفير بالدعوة إلى «اجتياح فوري لرفح». وفي وقت لاحق، انتقد بن غفير قرار إقالة الضباط، معتبراً أنه «تخلٍّ عن المقاتلين في خضم الحرب وخطأ فادح ينم عن ضعف»، مضيفاً أنه «حتى لو كانت هناك أخطاء في التعرف على هوية الهدف فيجب دعم الجنود لا أن نقيم لهم محكمة ميدانية».
وتعقيباً على هذا الجدل، أكدت «القناة 12» العبرية أن «الكابينت صوّت ليلة أمس على قرار زيادة إدخال المساعدات إلى غزة قبل وصول بن غفير إلى الاجتماع»، ليسارع الأخير إلى القول: «لقد صوّتوا على هذا القرار قبل وصولي، على الرغم من أنهم كانوا يعلمون أنني كنتُ في اجتماع أمني»، في تراجع عن بيانه الأول. وأفادت قناة «كان» العبرية، بدورها، بتحذير المسؤولين الأمنيين ومسؤولي وزارة الخارجية الذين كانوا حاضرين في اجتماع «الكابينت»، الوزراء، من أنهم تلقّوا أخيراً «إشارات واضحة» من نظرائهم في الولايات المتحدة وأوروبا مفادها أن إسرائيل ستواجه عقوبات غير مسبوقة ضدها، وحتى حظراً لتصدير الأسلحة إذا لم تتم زيادة المساعدات الإنسانية للقطاع على الفور.