لم يدم طويلاً المشهد الدرامي الذي أراده رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، من وراء إعلانه قراره عدم إرسال الوفد السياسي - الأمني إلى واشنطن، وفق ما كان قد اتّفقَ عليه شخصياً مع وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، قبل أيام قليلة، وذلك رداً على عدم استخدام الولايات المتحدة «الفيتو» في مواجهة مشروع قرار موزمبيقي في «مجلس الأمن»، يطلب وقف إطلاق نار فوري في قطاع غزة خلال شهر رمضان، إذ أعلن «البيت الأبيض»، أمس، صراحةً، أن «مكتب نتنياهو وافق على إعادة جدولة زيارة الوفد الإسرائيلي لواشنطن لبحث عملية رفح»، مشيراً إلى «(أننا) نعمل على تحديد موعد للاجتماع مع الوفد الإسرائيلي». وبحسب ما نقله موقع «واللا» عن أربعة مسؤولين أميركيين وإسرائيليين، فإن «نتنياهو يعتزم إرسال أقرب مستشاريه، الوزير رون ديرمر ورئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي، لإجراء محادثات في البيت الأبيض»، و«ربما يكون ذلك في وقت مبكّر من الأسبوع المقبل». كما نقل موقع «أكسيوس» عن مسؤول أميركي قوله إن «إلغاء زيارة الوفد الإسرائيلي كان دراما غير ضرورية من نتنياهو، وهو يحاول الآن البحث عن مخرج»، في حين قال مسؤول أميركي آخر، لشبكة «ABC»، إن «إعادة جدولة زيارة الوفد لواشنطن، جاءت بعد مناقشات بنّاءة مع وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت»، الذي كان في زيارة للعاصمة الأميركية دامت لأيام.وفي موازاة تشديد نتنياهو وقادة الاحتلال بشكل عام، على ضرورة تنفيذ عملية عسكرية في منطقة رفح، أضاف العدو مستوىً جديداً من الضغط، عبر إجراءات ميدانية مباشرة. وبحسب «القناة 12» العبرية، فقد «بدأ الجيش الإسرائيلي الاستعداد لشنّ عملية في رفح في حال انهيار المفاوضات»، كما بدأ «خطوات لعزل المدينة وإجلاء المدنيين». وأشارت القناة إلى أن «نتنياهو أمر بشراء 40 ألف خيمة من الصين لنصبها في غزة، تمهيداً للعملية البرية في رفح». وفي المقابل، أورد موقع «واللا» تقديرات لجيش العدو، بأن «خوض معارك بمحاذاة الحدود المصرية سيكون مساراً معقّداً»، وأن «عمليات إجلاء السكان من رفح ستكون معقّدة جدّاً». كذلك، أشارت «القناة 13» العبرية، نقلاً عن مصادر إسرائيلية، أن «الولايات المتحدة طلبت من إسرائيل استقبال ضباط أميركيين للاطّلاع على مخططاتها بالنسبة إلى رفح»، وهو ما يشبه الذي حصل بداية الحرب، حين أرسلت واشنطن ضباطاً عسكريين إلى الكيان، للمساعدة في التخطيط للعملية العسكرية في غزة، والاطّلاع على الخطط الإسرائيلية بهذا الخصوص، وهو نوع من المساعدة والرقابة، تمارسه واشنطن، في آن واحد، تجاه إسرائيل.
أعاد الأميركيون التأكيد أمام غالانت أنهم لا يدعمون عملية عسكرية واسعة النطاق في رفح، وعرضوا بدائلهم عليه


وفي انتظار ما سيتكشّف في الساعات المقبلة بخصوص الإجراءات المتخذة في رفح، تحدّث نتنياهو أمام وفد من أعضاء «الكونغرس» الأميركي، من كلا الحزبين، في مكتب رئيس الوزراء في القدس المحتلة، قائلاً إنه «لا بديل عن النصر»، مؤكداً «(أننا) سندخل رفح، وهناك أماكن يمكن أن يذهب النازحون المدنيّون إليها». وتطرّق نتنياهو، خلال اللقاء، إلى أهمية دعم واشنطن لإسرائيل، وقال: «من المهمّ للغاية الحفاظ على دعم الحزبين في جميع الأوقات، وخاصة في هذه الأوقات الصعبة». أما عن قرار «مجلس الأمن»، فقد اعتبر أن «القرار الأميركي في مجلس الأمن كان خطوة سيئة للغاية، وشجّع حماس على اتخاذ موقف متشدّد»، مشيراً إلى أن قراره عدم إرسال الوفد إلى واشنطن «كان بمثابة رسالة إلى حماس، بأن لا يعوّلوا على هذه الضغوط. لن ينجح الأمر»، مضيفاً: «أتمنى أن يفهموا الرسالة».
على خط مواز، واصل غالانت، لليوم الثاني على التوالي، زيارته لواشنطن. حيث شدّد، في لقاءاته مع المسؤولين الأميركيين، وعلى رأسهم وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، على أهمية العلاقات الأميركية الإسرائيلية، و«الحفاظ على التفوّق العسكري النوعي لإسرائيل في المنطقة، بما في ذلك قدراتها الجوية». كما التقى غالانت مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، وناقش معه مسار الحرب على غزة، والعملية العسكرية المتوقّعة في رفح. وأعاد الأميركيون التأكيد أمام ضيفهم أنهم لا يدعمون عملية عسكرية واسعة النطاق في المدينة، وعرضوا بدائلهم عليه.