غزة | بعد أيّام من عودته من قمّة شرم الشيخ، عَقد الوفد الفلسطيني اجتماعات عدّة مع رئيس السلطة، محمود عباس، والمسؤولين في الأجهزة الأمنية، استعداداً للمرحلة المقبلة التي تعهّدت رام الله بالعمل على تهدئة الأوضاع في خلالها، ومنْع أيّ تفجُّر أمني في شهر رمضان خصوصاً. وبحسب ما علمتْه «الأخبار» من مصادر في السلطة، فإن أمين سرّ «اللجنة التنفيذية لمنظّمة التحرير» حسين الشيخ، ورئيس جهاز المخابرات العامّة ماجد فرج، أطْلعا عباس على مجريات القمّة الأخيرة، مبلغَين إيّاه أن الإدارة الأميركية تَطلب خطوات عملية من السلطة لمواجهة تصاعُد العمل المسلّح في الضفة الغربية المحتلّة. ونقل الشيخ لـ«أبو مازن» أن هناك «تفهّماً للموقف الفلسطيني من قِبَل مختلف الأطراف المشارِكة» عدا حكومة الاحتلال، موضحاً أن «إسرائيل ترفض إعطاء أيّ تعهّدات للفلسطينيين لأنها لا تضْمن قدرة السلطة على ضبْط الأوضاع في الضفة، وتريد من رام الله بذْل مزيد من الجهود في هذا الاتّجاه». وأشار إلى أن «الوفد الفلسطيني أبْلغ المجتمعين أن ثمّة أطرافاً في تل أبيب تريد إنهاء السلطة الفلسطينية بشكل كامل، لكي تضمّ الضفة الغربية، وأن خُطط بناء المستوطنات متواصلة، وهي تؤكّد ذلك التوجّه». والجدير ذكره، هنا، أن الوفد الإسرائيلي إلى اجتماع شرم الشيخ أعاد اجترار التعهّدات نفسها بخصوص وقْف إقرار بؤر استيطانية جديدة، وتخفيف عمليات الاقتحام للمدن الفلسطينية، وحصْرها بوجود خطر محدق أو نيّة أشخاص تنفيذ عمليات ضدّ أهداف إسرائيلية، والسعي إلى تخفيف التوتّر خلال شهر رمضان.في المقابل، عَرض الشيخ، خلال الاجتماع، تقريراً يبيّن «الجهود الكبيرة» التي بذلتْها السلطة الشهر الماضي لمحاصرة العمل المسلّح في الضفة، بما في ذلك «السيطرة المعلوماتية» التي باتت لديها حول مَن يحملون السلاح، وخاصة في مناطق جنين ونابلس شمال الضفة. ووفقاً لمعلومات «الأخبار»، فإن اجتماعاً آخر سيُعقد في شرم الشيخ مطلع الشهر المقبل بين الفلسطينيين والإسرائيليين والأردنيين والمصريين والأميركيين، استكمالاً للقاءَي العقبة وشرم الشيخ، ولبحث آخر التطوّرات الأمنية في الضفة واستكمال العمل على خطّة السيطرة على الوضع في الأراضي المحتلّة. واستعداداً لذلك، عَقد الشيخ وفرج اجتماعاً غير معلَن مع قادة الأجهزة الأمنية الفلسطينية، حثّاهم فيه على «مزيد من العمل» في الضفة، فيما طلب الشيخ منهم خصوصاً «تكثيف الجهد المعلوماتي والميداني، وجمْع السلاح من الضفة، إضافة إلى تشديد الملاحقة على كلّ شخص يحمل السلاح وله علاقة بحركة حماس». وطبقاً للمصادر التي تحدّثت إلى «الأخبار»، فإن السلطة قدّمت، خلال اجتماع العقبة، كشفاً جديداً محدَّثاً بأسماء المقاومين الذين يحملون السلاح في الضفة، وهو ما مكّن قوّات الاحتلال، خلال الأسبوع الحالي، من اغتيال واعتقال عدد منهم من مدينتَي نابلس وجنين، وعلى رأسهم القائدان في الجناحَين العسكريَين لحركتَي «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، جهاد خازم ويوسف شريم، واللذان وُصفا بأنهما من «أكثر المسلّحين خطورة» في جنين.
السلطة قدّمت، خلال اجتماع العقبة، كشفاً جديداً محدَّثاً بأسماء المقاومين الذين يحملون السلاح في الضفة


في سياق متّصل، طُرحت، في الاجتماع الأخير، مسألة ما تسمّيه إسرائيل «التحريض» الذي تمارسه الفصائل الفلسطينية على «تثوير» الضفة. وفي هذا الإطار، طلب الأميركيون والإسرائيليون من المصريين الضغط على الفصائل لوقف جهودهم لإشعال الأراضي المحتلّة، فيما وعدت دولة الاحتلال بإنفاذ مزيد من «التسهيلات» لقطاع غزة منعاً لوقوع مواجهة خلال شهر رمضان. وكان البيان الختامي لقمّة شرم الشيخ أعلن عدداً من النقاط التي تمّ الاتفاق عليها، من بينها ضرورة تحقيق التهدئة على الأرض والحيلولة دون وقوع مزيد من العنف، واتّخاذ إجراءات لـ«بناء الثقة المتبادلة وتعزيزها، وفتْح آفاق سياسية، والتعاطي مع القضايا العالقة عن طريق الحوار المباشر». كما نصّ على «التزام حكومة إسرائيل والسلطة الفلسطينية بالتحرّك فوراً لإنهاء «الإجراءات الأحادية» لفترة من 3 إلى 6 أشهر»، موضحاً أن تل أبيب التزمت «بوقف مناقشة أيّ وحدات استيطانية جديدة لمدة 4 أشهر، ووقْف إصدار تراخيص لأيّ نقاط استيطانية لمدّة 6 أشهر»، واحترام «الحق القانوني للسلطة الفلسطينية في الاضطلاع بالمسؤوليات الأمنية في المنطقة (أ) في الضفة الغربية، والعمل معاً من أجل تحقيق هذا الهدف». وأشار إلى «اتّفاق الفلسطينيين والإسرائيليين على استحداث آلية للحدّ من والتصدّي للعنف والتصريحات والتحرّكات التي قد تتسبّب في اشتعال الموقف (...)، وآلية أخرى لتحسين الأوضاع الاقتصادية للشعب الفلسطيني مع رفْع نتائج هاتَين الآليتَين إلى الاجتماع المقبل».