يتحضّر العدوّ الإسرائيلي عسكرياً كأن الحرب مع المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، ستندلع غداً. استدعى جزءاً من جنود الاحتياط، وناوَرت «كتيبة 162» من جيشه في محاكاة لاحتلال القطاع، وأكمل نصب بطاريات «القبة الحديدية» في تل أبيب والقدس. اليوم، عقد رئيس حكومة العدو بنيامين نتيناهو، ووزير الأمن الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، ورئيس هيئة الأركان غادي آيزنكوت، جلسة لتقييم الأوضاع الميدانية في محيط الغلاف. كل هذه الأجراءات لأن «الجيش الذي لا يُهزم» لا يستطيع تحمّل إطلاق الشبان للطائرات الورقية الحارقة من غزة باتجاه المستوطنات المحيطة بالقطاع، ولأن «أقوى جيش في الشرق الأوسط» لا يستطيع ابتلاع معادلة «القصف بالقصف» التي رسّختها المقاومة الفلسطينية.كل ذلك استدعى جلسة لتقييم الأوضاع الميدانية، قال نتنياهو في ختامها، إن «إسرائيل مستعدة لأيّ سيناريو»، في إشارة إلى إمكانية شن حرب جديدة على غزة. أضاف «نحن نخوض معركة تبادل الضربات، وأستطيع أن أقول لكم إن الجيش مستعد لمواجهة جميع السيناريوهات».
أما وزير الأمن الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، فقال إن الجيش «مستعد لكل سيناريو في ما يتعلق بقطاع غزة». وكتب في تغريدة على حسابه في «تويتر» بعد زيارته لمقر القيادة الجنوبية لجيش العدو، (المسؤولة عن قطاع غزة): «الجيش مستعد لأي سيناريو في الجنوب وفي الشمال، في الحرب وفي الروتين، الجيش يعلم ماذا يفعل ومتى يفعل، نحن من يحدد قواعد اللعبة وليس أي أحد آخر». وتابع «إسرائيل بذلت كل جهد ممكن لتفادي مواجهة شاملة في القطاع أو عملية عسكرية واسعة وهي مصممة على التوضيح لحماس أنه من المستحسن لها أن تغير سلوكها وإلا سيبقى معبر كيرم شالوم (كرم أبو سالم) مغلقاً».
وبالتزامن مع تهديدات نتنياهو وليبرمان، أعلنت «هيئة البث الإسرائيلية» (تابعة للحكومة)، اليوم، أن «إسرائيل مستعدة لخوض معركة واسعة في قطاع غزة».
أنهى جيش العدو الإسرائيلي نشر بطاريات القبة الحديدية في تل أبيب والقدس(أ ف ب )

بينيت: إقصفوا الأطفال
بدوره، جدّد وزير التعليم الإسرائيلي وزعيم حزب «البيت اليهودي»، نفتالي بينيت، اليوم، دعوته إلى إطلاق النار على مطلقي الطائرات الورقية الحارقة من قطاع غزة باتجاه بلدات العدو. ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عنه قوله: «من يطلق البالونات الحارقة على أطفالنا هو إرهابي ويجب اغتياله». وكان وزير التعليم قد دخل أمس، في سجال مع رئيس هيئة أركان جيش العدو، غادي آيزنكوت، خلال جلسة المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت).
إذ ذكرت «يديعوت» أن بينيت سأل: «لماذا لا نطلق النار على أي شخص يطلق الطائرات الورقية على مستوطناتنا؟ لا يوجد أي رادع قانوني. لماذا نطلق النار إلى جانبهم وليس عليهم؟ هؤلاء مخرّبون بكل ما تعنيه الكلمة». فسأله آيزنكوت: «هل تقترح إسقاط قنبلة تزن نصف طن من طائرة على خلية تطلق الطائرات الورقية والبالونات؟» فرد عليه: «نعم». وبعدما لاقت مطالب بينيت ترحيباً لدى اليمين الإسرائيلي، سارع ليبرمان إلى إرضاء هذا الشارع (الكتلة الأساسية من ناخبيه)، وقال لـ«راديو 103» إنه «على الجيش ضرب وقصف خلايا البالونات والطائرات الورقية الحارقة وليس بالقرب منها».

العدو يشددّ حصاره على غزة
وفي خطوة تصعيدية جديدة ضد سكان غزة، أعلن جيش العدو الإسرائيلي فرض عقوبات جديدة على القطاع بمنع إدخال الوقود والغاز عبر معبر كرم أبو سالم حتى نهار الأحد المقبل. وأعلنت وزارة الحرب الإسرائيلية ليل أمس، تشديد الحصار بعد إغلاق المعبر الأسبوع الماضي أمام إدخال غالبية البضائع، رداً على إطلاق الطائرات الورقية الحارقة من القطاع باتجاه إسرائيل.
كما أوضحت الوزارة، في بيان، «تعليق تسليم الوقود حتى الأحد المقبل، وتقليص مساحة الصيد التي تسمح بها قبالة شواطئ غزة من ستة أميال بحرية إلى ثلاثة»، معلنة أنها «ستسمح بعبور المواد الغذائية والأدوية بعد دراسة كل حالة على حدة». وذكر موقع «واللا» العبري أن «الجيش الإسرائيلي يدرس إغلاق معبر إيريز للمشاة وإغلاق منطقة الصيد البحري بالكامل في وجه قطاع غزة».
أعلنت وزارة الحرب الإسرائيلية إيقاف إدخال الوقود والغاز إلى قطاع غزة (أ ف ب )

العمادي يهدد المقاومة أيضاً
لا يكتفي العدو الإسرائيلي، بالإجراءات الميدانية لإيصال رسائله إلى المقاومة، بل يجد أطرافاً عربية تساعده، في حربه وفي تهديد المقاومة في قطاع غزة، ولكن بلسان عربي أيضاً. وبحسب المعلومات، فإن السفير القطري ورئيس «لجنة إعمار غزة»، محمد العمادي، هدّد المقاومة في غزة أنه «في أي حرب مقبلة، لن تكون هناك أموال لإعادة الإعمار». وهو ما لمّح إليه في مقابلة أجراها مع قناة «الجزيرة» الإنكليزية، إذ قال إن «قطر تريد وقف التصعيد من كلا الجانبين، لأنها بدأت مشاريع إعادة إعمار غزة في عام 2012، ومن الصعب جداً تمويل مشاريع إعادة الإعمار في حال اندلاع حرب أخرى مدمرة».
وقال العمادي في مقابلته إن «اسرائيل وحماس لديهما تفاهم ضمني بعدم التصعيد، أو الوصول إلى حرب شاملة في قطاع غزة»، معتبراً أن «إسرائيل أرادت الرد على الطائرات الورقية والبالونات الحارقة التي تطلق باتجاه البلدات الإسرائيلية احتجاجاً على استمرار حصار قطاع غزة، وهذا ما جعلها تقصف مواقع حماس العسكرية». أضاف: «كان قصفاً واسعاً جدًا، مع ذلك لا أعتقد أنهم سيذهبون للتصعيد الكامل، حيث يتحدثون مع المصريين ومبعوث الأمم المتحدة لعملية السلام نيكولاي ملادينوف لوقف التصعيد».
أما في ما يتعلّق بطرح قطر مسألة هدنة طويلة الأمد بين العدو الإسرائيلي والمقاومة، قد تصل إلى 20 سنة مقابل تحسين الوضع الاقتصادي في غزة، أجاب: «لم يناقش أحد وقف إطلاق النار لمدة 10 إلى 20 سنة، وإنما هدنة بحد أقصى 10 سنوات».
ووجه السفير القطري انتقاداته للقاهرة، قائلاً إن «حماس لا تثق بالمصريين بسبب الوعود التي قدموها قبل أكثر من عام ولم يفوا بها»، معتبراً أن بلاده تتمتع بمصداقية مع كلا الجانبين (حماس وإسرائيل)، لكن «مصر تبقى تتمتع بوضع قوي بصفتها المسيطرة على الحدود مع غزة، وبدونها لا يمكنك تحقيق أي شيء»، مؤكداً أن «إسرائيل تفضل أن تتعامل مع مصر بمسألة الوضع في غزة».
السفير القطري: في أي حرب مقبلة لن تكون هناك أموال لإعادة الإعمار في غزة (أ ف ب )

ميلادينوف: تراجعوا عن حافة الحرب
في سياق متصل، أعلن مبعوث الأمم المتحدة الخاص بعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ميلادينوف، اليوم، أنه يعمل «بشكل وثيق مع السلطة الفلسطينية وإسرائيل ومصر والشركاء الإقليميين والدوليين للحيلولة دون تفجر الأوضاع في قطاع غزة وحل كافة القضايا الإنسانية به».
وقال المسؤول الأممي، إنّ «برنامج مساعدة الشعب الفلسطيني، يقوم حالياً بتنفيذ عدة برامج لخلق فرص العمل من أجل تخفيف وطأة الآثار الناجمة عن الظروف الاقتصادية والاجتماعية القاسية» في قطاع غزة. أضاف: «في ضوء التصعيد الخطير الذي حدث على مدى الأيام القليلة الماضية، فإن مثل مبادرة برنامج الأمم المتحدة تعتبر أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى، ولذلك فإنني أدعو جميع الأطراف أن تتراجع عن حافة الحرب».
طلب المبعوث الأممي إلى غزة من العدو الإسرائيلي والمقاومة الإبتعاد عن حافة الحرب (أ ف ب )

«حماس» توافق على الطرح المصري
في سياق آخر، كشف مصدر فلسطيني مطّلع، أن «حماس»، وافقت على الطرح المصري لـ«المصالحة الفلسطينية»، والذي ينصّ على عدة نقاط أبرزها تشكيل حكومة وحدة وطنية خلال مدة أقصاها 5 أسابيع.
وقال المصدر المطّلع على مباحثات «المصالحة»، (رفض الكشف عن هويته)، التي جرت في العاصمة المصرية القاهرة، أخيراً، في حديث خاص لوكالة «الأناضول» التركية إن: «حماس وافقت على الطرح المصري للمصالحة، ومصر تنتظر موافقة الرئيس الفلسطيني محمود عباس على رؤيتها».
وتنص الرؤية المصرية للمصالحة الفلسطينية، بحسب المصدر، «على رفع العقوبات (الحكومية) المفروضة على قطاع غزة، وعلى رأسها إعادة رواتب موظفي السلطة الفلسطينية (الذين تم تعيينهم في غزة قبل أحداث الانقسام عام 2007)، بشكل كامل ودفع الموازنات التشغيلية للوزارات».
أضاف: «تنص الرؤية على تولّي وزراء الحكومة الحالية مهامهم على ذات الهيكلية الإدارية القائمة في الوزارات العاملة في غزة، وتشغيل محطة الكهرباء من خلال توفير الوقود لها من دون فرض ضرائب عليه».
وبيّن المصدر أن الرؤية المصرية حدّدت مدة أقصاها 5 أسابيع لـ«تشكيل حكومة وحدة وطنية، إلى جانب استيعاب موظفي قطاع غزة المدنيين (الذين عيّنتهم حماس خلال إدارتها للقطاع) ودفع رواتبهم أسوة بموظفي السلطة الفلسطينية في غزة، على أن يتم دفع رواتب الموظفين الأمنيين لحين انتهاء عمل اللجان المتخصصة».