منذ أسبوعين، بدأت مسيرات العودة الكبرى في قطاع غزة المحاصر. جمعتان مرتا، خرج فيها عشرات الآلاف من الفلسطينيين الذين قرّروا أن لا حياة مع الموت. واجه هؤلاء بصدورهم العارية قناصة العدو المتمركزين على بعد سياج شائك من أرضهم المُحتلة، فسقط منهم عشرات الشهداء وآلاف الجرحى، قبل أن يفتشوا في «دفاترهم» عن طريقة يعيقون فيها رؤية القناصة، علّ أعداد الشهداء تقُل.كان الخيار عشرة آلاف دولاب مطاطي. هكذا على مدى أسبوع كامل، شوهدت السيارات والعربات والأيدي، تنقل من قلب المدينة دواليب مطاطية... حتى كانت «جمعة الكاوشوك». أُشعلت الدواليب، مُخلّفة غيمة سوداء في سماء المستوطنات المحيطة وفي وجه القناصة.
على رغم ذلك، سقط عشرات الشهداء والجرحى، حتى أقدام الجرحى الاصطناعية لم تسلم من الرصاص، ولا سترات الصحافيين الذين نجوا من الموت ألف مرة قبل أن يلقوا حتفهم. هكذا كان مصير ياسر مرتجى، مثلاً، الشهيد الذي كان يحلم بالسفر عبر الطائرة ليلتقط صورة لبلده من الجو... استشهد من دون أن يحقق حلمه.
أما صباح اليوم، فقد استشهد الشاب مروان قديح، متأثراً بجروحه التي أصيب بها قبل أسبوعين، قبل أن يستيقظ الأهالي بفعل أصوات الغارات على مواقع للمقاومة.
ووفق وسائل إعلام عبرية، فإن طائرات حربية إسرائيلية استهدفت موقعين للمقاومة، أحدهما في بلدة بيت لاهيا شمال القطاع، والآخر في بلدة جباليا، ما ألحق أضراراً جسيمة بممتلكات وبيوت المواطنين.
كذلك، طاول القصف موقعاً للإدارة المدنية شرق جباليا، ولم يبلغ عن وقوع شهداء أو جرحى. وأدى قصف الطائرات إلى تحطّم زجاج النوافذ في عدد من المنازل المجاورة للموقع.
القصف يعتبر الأول منذ بدء مسيرات العودة قبل أسبوعين، حيث اعتمد الاحتلال على قناصته وطائرات الاستطلاع الحاملة لقنابل الغاز السام، من أجل تفرقة المتظاهرين. وأدى ذلك، إلى استشهاد 29 فلسطينياً وإصابة الآلاف.
في الجمعة الأولى من مسيرات العودة الكبرى، استشهد 19 فلسطينياً وأصيب نحو ألفين آخرين بجروح. أما في الجمعة الأخيرة (جمعة الكاوشوك)، فقد استشهد عشرة فلسطينيين، وأصيب 1300 آخرين بجروح متفاوتة.
وبالعودة إلى الغارات الإسرائيلية، نقلت صحيفة «يدعوت أحرونوت» عن مصادر في الجيش قولها، إن «القصف استهدف موقعاً تابعاً لحركة حماس، وذلك رداً على تسلّل خلية مسلّحة قرب الشريط أمس من أجل زرع عبوات ناسفة يدوية الصنع».