في خضم الأزمة التي تعصف بلبنان حالياً، تعلو الأصوات مطالبةً بإعادة بناء الدولة على أسس تجنّبه الأزمات العنيفة والحروب الأهلية المدمرة/ وفي ما يلي نحاول البحث في مدى توافر الشروط اللازمة لقيام مثل هذه الدولة انطلاقاً من طبيعة الدولة، التي قامت بعد الاستقلال والعوامل الرئيسية التي حددت خصائصها وجعلتها على الدوام عرضة للأزمات الوجودية، وبالاستناد إلى قراءة سريعة لتجربة لبنان التاريخية في بناء دولة مغايرة.
أولاً: في طبيعة دولة الاستقلال

إن إقامة دولة في لبنان تجنبه الأزمات العنيفة والحروب الأهلية المدمرة تقتضي بداية أن يكون المتصدون لهذه المهمة على معرفة بطبيعة الدولة القائمة والمشاكل الفعلية التي تعانيها. من جهتنا، نرى أنّ هنالك خمس خصائص، بمثابة مشاكل رئيسية لازمت الدولة في لبنان منذ الاستقلال حتى الآن ينبغي معالجتها.

دولة «تحاصصية»

لقد جرى اختزال الدولة في لبنان إلى مجرد إطار مؤسسي لتقاسم السلطة السياسية بين ممثلي الطوائف والمذاهب تبعاً لميزان القوى بينها، وداخل كل منها، الذي يتحدّد على أساس عاملين رئيسيين مترابطين هما: من جهة، الدينامية الخاصة بكل منها (تطورها الاقتصادي والاجتماعي والديموغرافي...) ومن جهة ثانية، علاقاتها الخارجية. ويتلازم مع تقاسم السلطة هذا تقاسم متناسب لمؤسسات ومواقع الإدارة العامة والمال العام بين هؤلاء الممثلين أنفسهم ليعيدوا توظيف المغانم في تجديد مواقعهم وتمتينها، كل داخل جماعته، واستطراداً داخل السلطة السياسية.

دولة غير عادلة

هنالك كمّ كبير من الدراسات والتقارير التي تناولت تطور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية منذ الاستقلال. ويضيق المجال هنا لإيراد الأدلة والمؤشرات النوعية والكمية التي تحفل بها لناحية استمرار، بشكل أو بآخر، التفاوتات العميقة والمشاكل الحادة على هذين الصعيدين: التفاوتات بين المناطق وبين الفئات والطبقات الاجتماعية، ومشاكل الفقر والبطالة والهجرة. أما استمرار عدم المساواة بين المواطنين على الصعيد القانوني/ الحقوقي، فهو واضح كل الوضوح من خلال التوزيع الطائفي للمناصب القيادية السياسية والإدارية في الدولة.

دولة ضعيفة/ رخوة

لضعف الدولة ورخاوتها في لبنان تجليات ثلاثة: أ_ إزاء القطاع الخاص: تركت الدولة معظم النشاط الاقتصادي للقطاع الخاص، لكنها جعلت جهودها التنظيمية والتشريعية والاستثمارية تصب على نحو شبه حصري في المصالح الفئوية للكبار من رجال المال والأعمال في هذا القطاع، ودون أن تبذل أيّ جهد يذكر لتقويم أو تعديل الاتجاهات التلقائية للمبادرات الخاصة، أو التنسيق في ما بينها، كي تجعلها تصب في خدمة أهداف وطنية عامة. هذا إلى جانب أن الدولة لم تضع سياسات وبرامج فعالة تهدف إلى معالجة ما قد ينجم عن هذه الحرية من أضرار. وبالفعل فقد نجم عنها الكثير من الاختلالات الاقتصادية والاجتماعية البنيوية التي لا يزال لبنان يرزح تحت أعبائها. فالتفاوتات المناطقية والفئوية والطبقية التي سبق ذكرها ترافقت مع ضمور القطاعات الاقتصادية السلعية المولدة لفرص عمل وفيرة ومجزية (الزراعية والصناعية)، وتضخم النشاطات الخدمية والريعية، وطغيان الطابع الاحتكاري على السوق. أما خضوع الدولة للضغوط التي يمارسها القطاع الخاص، وبخاصة كبار التجار وأصحاب المصارف، فلا يحتاج إلى الكثير من الأدلة. يكفي في هذا الخصوص التذكير بتجارب الوزراء السابقين: إلياس سابا واميل بيطار وجورج قرم وشربل نحاس.
ب_ إزاء الطوائف: المقصود هنا هو ضعف الدولة اتجاه المؤسسات الدينية الطائفية. فإذا وضعنا جانباً أن لكل من الطوائف/ المذاهب قوانينها الخاصة المتعلقة بالأحوال الشخصية، وبالتالي محاكمها الشرعية، نلاحظ أن المؤسسات الدينية لا تكف عن ممارسة الضغوط على الحكومات والإدارات العامة، لحملها على أخذ قرارات أو التراجع عن قرارات سبق أن اتخذتها أو الامتناع عن سن قوانين واتخاذ قرارات هي، في سائر بلدان العالم، من الاختصاصات الحصرية للدولة والإدارة العامة. والأمثلة في هذا المجال لا تحصى، نكتفي في هذا الخصوص بالزوابع التي تثار عند كل مطالبة بسن قانون اختياري للأحوال الشخصية. هذا إضافة إلى أن الدولة في لبنان ترى نفسها مجبرة على تمويل جزء كبير من الخدمات الصحية والتربوية والاجتماعية التي تقدمها الطوائف إلى أتباعها، من الموازنة العامة. كذلك فإن مناهج المؤسسات التربوية، وبخاصة منهاج مادة التاريخ، لا تزال بمنأى عن المراقبة الحكومية، لكنّ المضحك المبكي هو أن الضغوط الطائفية أبقت لبنان البلد الوحيد في العالم الذي لم يجرَ أي تعداد لسكانه منذ عام 1932.
ج_ إزاء الخارج: يتمثّل ضعف الدولة في لبنان في اتجاه الخارج على نحو رئيسي من الناحية العسكرية، إلى ابقاء الجيش في وضع لا يستطيع معه التصدي للاعتداءات الإسرائيلية المتكررة (مقولة إن قوة لبنان في ضعفه). ومن الناحية السياسية، بالعلاقات المباشرة التي تقيمها الدول الأجنبية مع الأحزاب والطوائف ومنظمات المجتمع المدني وحتى الشخصيات (زيارات وجولات السفراء والمبعوثين). هذا إضافة إلى رضوخ الحكومات المتعاقبة باستمرار لمختلف الضغوط السياسية والاقتصادية التي تمارَس عليها من الخارج.

دولة مفرطة في تبعيتها للخارج

نادرة هي البلدان التي تصل درجة اعتمادها اقتصادياً على الخارج إلى درجة اعتماد لبنان. فالجزء الأكبر من دخله الوطني يتأتى من مصادر لها علاقة مع الخارج. ويأتي لبنان في مقدمة بلدان العالم من حيث ارتفاع نسبة تجارته الخارجية إلى ناتجه المحلي الإجمالي. وهو لا يزال من أكثر بلدان العالم اعتماداً على الخارج لتأمين احتياجاته. وتتلازم هذه التبعية الاقتصادية مع استيراد الأنماط الثقافية والاجتماعية السلوكية الأجنبية على نطاق واسع.
دولة مأزومة باستمرار
ليس من المغالاة القول إنّ تاريخ لبنان منذ حصوله على الاستقلال عبارة عن توالي أزمات سياسية حادة ارتدت طابع العنف المدمر واستمر بعضها سنوات طويلة. أما فترات الاستقرار القصيرة نسبياً الفاصلة بين هذه الأزمات، فكانت بدورها حافلة بأزمات وصراعات سياسية واقتصادية اجتماعية، وإن كانت أقل حدة.
ثانياَ: العوامل المؤسسة لطبيعة الدولة وحركية الاجتماع

السياسي في لبنان

يأتي بداية العامل التاريخي. فقد تكونت، في ما أصبح لبنان لاحقاً، منذ القرن التاسع عشر مروراً بمرحلة الانتداب الفرنسي، تشكيلة اجتماعية تعاني انقسامات حادة تتمحور حول طوائف ومذاهب تتفاوت لناحية مستويات تطورها الاقتصادي والاجتماعي، ولناحية مواقعها السياسية والإدارية في المؤسسات السلطوية، ولها تاريخ حافل بالارتباطات الخارجية السياسية والثقافية المتنافرة. لكن الملاحظ أن لبنان لم يكن البلد الوحيد على هذا الصعيد، فمعظم، إن لم يكن جميع البلدان التي حصلت على استقلالها بعد الحرب العالمية الثانية، ورثت عن المرحلة الاستعمارية عبئاً ثقيلاً من التفاوتات والانقسامات، وبالتالي التناقضات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بين مختلف مكوناتها... ومع ذلك لم تطغَ على الدول التي قامت في هذه البلدان معظم السمات المذكورة التي طغت على الدولة في لبنان، أو على الأقل ليس بالقدر نفسه من الحدة. ذلك أن لبنان بعد حصوله على الاستقلال، سار في الاتجاه المعاكس تماماً للاتجاه الذي سارت فيه معظم هذه الدول، إذ إن أول ما سعت إليه هذه الأخيرة هو إقامة سلطة مركزية قوية قادرة على ضبط و/ أو لجم التناقضات القائمة، التي يمكن أن تنشأ بين مختلف الفئات الاجتماعية. وكان ذلك من خلال اعتماد الحزب الواحد وبناء جيش قوي وأجهزة أمنية فعالة، هذا من جهة. ومن جهة ثانية، اعتماد نظام اقتصادي موجه يعود الدور الرئيسي فيه إلى القطاع العام والتخطيط المركزي. لقد ذهب قادة مرحلة الاستقلال بلبنان عكس هذا التيار وتبنوا له نظاماً سياسياً اقتصادياً يعيد، بشكل أو بآخر، انتاج هذه التفاوتات ويعزز الارتباط بالخارج. هذا النظام هو النظام الطائفي سياسياً والليبرالي المتفلت اقتصادياً، الذي أرسى قواعده النظرية ميشال شيحا. ففي المنظور «الشيحي»، يجب أن تبقى الدولة في لبنان مجرد تعبير عن التعددية الطائفية وبعيدة عن التدخل في الشؤون الاقتصادية والاجتماعية. على الصعيد السياسي يجب أن تنحصر وظيفة الدولة في تنظيم العلاقة بين الطوائف، لأن على هذه الوظيفة يتوقف استمرار الكيان اللبناني وضمان حقوق اللبنانيين وحريتهم. أما على الصعيد الاقتصادي، فعلى الدولة أن تتمسك بأقانيم ثلاثة:
1_ إن الاقتصاد اللبناني لا يمكن أن يكون إلا اقتصاد تجارة وخدمات.
2_ إن نشاط اللبنانيين الاقتصادي لا يمكن أن يكون بالأساس إلا مع الخارج وفي الخارج.
3_ إن الاقتصاد اللبناني لا يمكن أن ينمو ويزدهر إلا في ظلّ أعلى درجات الليبرالية (دعه يعمل دعه يمر).
إن المتفحص لآلية اشتغال النظام الطائفي (سياسياً) والمفرط في ليبراليته (اقتصادياً) يلاحظ بسهولة أن هذا النظام لم يمثل عملياً فقط القاعدة الأساس لاكتساب دولة الاستقلال سماتها المذكورة، بل حدد أيضاً، وفي الوقت نفسه، الوجهة التي أخذتها حركية الاجتماع السياسي (الطبيعة الغالبة على التناقضات/ الصراعات وكيفية إدارتها)، إذ من الملاحظ على هذا الصعيد أنه كان لهذا النظام نتيجتان متلازمتان على غاية من الأهمية: النتيجة الأولى هي أن النظام، كما سبق أن لمّحنا، لم يعمل على ردم التفاوتات العمودية السياسية والاقتصادية والاجتماعية الموروثة من مرحلة الانتداب، بل عمل، بشكل أو بآخر، على إعادة إنتاجها. فغياب الأطر المؤسسية السياسية التي تنمي علاقات المواطنة بين اللبنانيين، وبينهم وبين الدولة، وغياب برامج وخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة والمتوازنة لمختلف القطاعات والمناطق والفئات الاجتماعية، أبقيا الطوائف مختلفة من نواحٍ عديدة: مواقعها في السلطة السياسية وفي الادارة العامة، أحوالها الشخصية، مواقعها في النشاط الاقتصادي، وتركيبها الطبقي. كذلك بقيت متفاوتة مستويات التطور الاقتصادي الاجتماعي للمناطق الجغرافية التي تتركز فيها. في المقابل فإن هذا الغياب المزدوج جعل الطوائف تستمر في ارتباطاتها الدينية والثقافية والسياسية مع الخارج، وتنتظم أكثر فأكثر في أحزابها الخاصة، وتتوسع وتنشط بإقامة مؤساساتها التربوية والصحية والثقافية وأحياناً كثيرة الاقتصادية، مما جعل الروابط بمختلف أنواعها، وبالتالي منظومة المصالح القائمة بين أبناء الطائفة الواحدة أقوى بكثير من تلك القائمة بين اللبنانيين بمختلف طوائفهم. ليس هذا فحسب، بل جعل أيضاً القضايا/ المطالب السياسية والاقتصادية والاجتماعية تكتسب في لبنان ألواناً فئوية بحيث تعتبر المعالجة الصحيحة لأي منها تصب في مصلحة طائفة/ طوائف على حساب أخرى. فإذا وضعنا جانباً التماسك النسبي لهيئات كبار أصحاب الأعمال في الدفاع عن مصالحها، مع أن المحاصصة الطائفية لم توفر مستوياتها القيادية، فإننا نلاحظ تغلب الولاءات السياسية والطائفية لجموع العاملين بأجر والعاملين لحسابهم الخاص على مصالحهم الجامعة. وهذا ما يفسر وهن تنظيمات العمال والمستخدمين النقابية وضعف الأحزاب ومنظمات المجتمع «المدني» العابرة للطوائف.
أما النتيجة الثانية التي لها علاقة مباشرة وعضوية مع الأولى، فهي جعل الخارج يتحكم في مسار التناقضات التي تعتمل على الدوام في المجتمع وعلى مستوى السلطة السياسية. فالنظام السياسي الاقتصادي وطبيعة الدولة التي أنتجها لم يعملا على إيجاد آليات داخلية فاعلة وقادرة، لفترات من الزمن طويلة نسبياً، على حلّ هذه التناقضات أو ضبطها في حدود لا تهدد السلم الأهلي كما حصل في البلدان النامية الأخرى (الحزب الواحد، الجيش القوي، القطاع العام الواسع، التخطيط المركزي...) أو البلدان الرأسمالية (ديمقراطية قائمة على حقوق المواطنة، سوق رأسمالية ناجزة، عقد اجتماعي بين أطراف الإنتاج). ما أدى إلى خضوع وتيرة الأزمات ودرجة حدتها، على نحو رئيسي، للعوامل الخارجية، وتحديداً لمجريات الصراع بين القوى الدولية والإقليمية في المنطقة العربية وعليها.
إن المتتبع لمسار هذه الأزمات يلاحظ بسهولة أنها، وخصوصاً الثلاث الأهم التي ذكرنا، جاءت كارتدادات لتحولات/ أزمات شهدتها المنطقة العربية المجاورة، ناتجة على نحو عام من مجريات الصراع المزدوج: العربي – الإسرائيلي، وحركة التحرر الوطني – القوى الاستعمارية وحلفائها في المنطقة، كما يلاحظ أنّ هذه الأزمات/ الارتدادات في لبنان كانت دائماً تأخذ شكل صراع على السلطة بين قوى محلية بهدف مزدوج أيضاً، يتمثل من ناحية، في تعديل ميزان القوة داخل هذه السلطة بين ممثلي الطوائف، وداخل كل منها، بالاستناد إلى تحالفات خارجية. ويتمثل من ناحية ثانية، في إعادة تموضع لبنان في الاصطفافات الدولية/ الإقليمية نفسها. أما فترات الاستقرار النسبي، فإنها لم تكن سوى نتيجة لدخول الأطراف الدولية والإقليمية المتصارعة في مرحلة من التفاهمات/ التسويات المعينة، من ضمنها عقد تسوية بين القوى المتصارعة في لبنان. تسوية لا يستطيع الطرف الذي يجد نفسه مغبوناً فيها أن يحظى بسند خارجي يعينه على نقضها. وهنا نلاحظ أن التسويات اللبنانية كانت عملياً لا تمس جوهر النظام المتمثل في طائفيته السياسية وليبراليته الاقتصادية الاجتماعية المتطرفة. ولذلك كانت الأزمات تعود لتطل برأسها مع انفراط عقد التفاهمات و/ أو ظهور طرف قوي من خارجها يستطيع أحد الأطراف اللبنانية أن يشبك معه لتحسين موقعه في السلطة. في هذا السياق أصبح «الخارج» بالنسبة إلى لبنان عاملاً/ معطى داخلياً يؤدي دوراً مفصلياً في تحديد الوجهة التي تأخذها حركة الاجتماع السياسي فيه، وبخاصة موازين القوة داخل السلطة السياسية بين مختلف الأطراف الطائفية، مع الأخذ بالحسبان الدينامية الذاتية لكل منها.

ثالثاً: معنى إعادة بناء الدولة

إذا كانت الدولة التي يجب العمل على بنائها في لبنان هي على نحو عام الدولة القادرة العادلة والمستقلة، فإن قيام مثل هذه الدولة يقتضي إعادة النظر في الأسس التي قامت عليها دولة الاستقلال، نعني الطائفية السياسية والليبرالية الاقتصادية المتطرفة. غير أن إعادة النظر هذه لا تعني أنه يجب و/ أو يمكن أن يتبنى لبنان نظاماً شبيهاً بالأنظمة التي تبنتها معظم بلدان العالم الثالث بعد حصولها على الاستقلال. فالوقائع التي أدى إليها التطور السياسي الاقتصادي الاجتماعي في لبنان لا تجعل نظاماً من قبيل هذه الأنظمة قابلاً للحياة فيه. هذا فضلاً عن أن الأنظمة المذكورة قد استنفدت قواها ودخلت منذ أكثر من عقدين من الزمن في أزمة وجودية أصابت، كما هو واضح، البلدان العربية وجعلتها تواجه أخطار اللبننة. وبناءً عليه لا يبدو أن هنالك من سبيل لخروج لبنان من دوامة الحروب الأهلية الجهنمية سوى بالسير على سكة التحول الديمقراطي الفعلي، الذي يتطلب التخلص من النظام الطائفي والعمل على جعل المواطنة الركيزة الأساسية التي تقوم عليها الدولة... على أن يجري، في الوقت نفسه، العمل على الخروج من النيوليبرالية المتفلتة على الصعيد الاقتصادي الاجتماعي، والعبور الى ما أصبح يسمى الدولة الوطنية التنموية القادرة على تصميم وتنفيذ سياسات تعمل على إزالة الطابع الريعي عن الاقتصاد، وإطلاق عملية نمو مستدام على قاعدة صلبة من إنتاج محلي أكثر تنوعاً واندماجاً، وتعمل أيضاً على توزيع ثمار النمو على نحو عادل على مختلف الفئات الاجتماعية والمناطق الجغرافية. والمدخل الرئيسي والضروري لاستراتيجية التنمية الاقتصادية الاجتماعية العتيدة يتمثل في إصلاح النظام الضريبي الحالي البعيد عن العدالة الاجتماعية والفعالية المالية والاقتصادية.
(غداً: لماذا تعثر بناء دولة مغايرة؟)
* أستاذ جامعي وباحث اقتصادي