يستبطن مطلب تشكيل حكومة تكنوقراطية رفض الحكومة القائمة وكل حكومة تشكل من القوى السياسية الحاكمة، وهو رفض عبر عنه الحراك الإحتجاجي المنتشر في كل مناطق لبنان والرافض لكل القوى السياسية الحاكمة، واستطاع، حتى الآن، أنْ يتجاوز الإنتماءات الأولية للمنتفضين ويوحدهم على الـ «لا» من دون أنْ تتبلور الـ«نعم» لمطالب محددة يمكن أن تكون برنامجاً، بالمعنى الدقيق للبرنامج، للمنتفضين.ويشكل مطلب «حكومة تكنوقراطية» إحدى النقاط التي يمكن أن تكون برنامجية، وقد تداول المحللون الحديث عن حوار حول تعديل حكومي او تغيير يمكن أنْ ينعش الحديث بهذا المطلب.
إلا أنّ هذا المطلب يحمل مغالطتين:
الأولى، عدم صوابية القول بها، فكل حكومة هي حكومة سياسية، أيا كانت طبيعة اشخاصها. والحكومة، اي حكومة، هي قطب الرحى في العملية السياسية في اي بلد، فهي صاحبة السلطة فيه وهي التي تديره، وقد يكون الادق لمن يرغب هذا التعبير استعمال حكومة من تكنوقراطيين أو حكومة تكنوقراطيين.
الثانية، إنّ التكنوقراطيين تعبير فضفاض، فبقدر ما يوحي بالخبرة و«الحيادية السياسية»، يوحي بالالتباس والغموض في القدرة على إدارة الشأن العام والنزاهة فيها. فالتكنوقرطيون ليسوا قطاعاً محدد الأطر ومستقل المصالح، بل هم مندرجون في مصالح القوى السياسية الحاكمة، وقلة منهم خارجها، بحيث يمكن أنْ يتحول المطلب «التغييري» الى مهزلة، ويحبط الحراك الإحتجاجي، إذا ما أقدمت القوى الحاكمة على تشكيل حكومة من تكنوقراطييها.
وقد يكون استبدال هذا المطلب بمطلب حكومة من الأكفاء والنزيهين، أو حكومة الكفاءة والنزاهة، هو الأسلم والأنسب.
* أستاذ جامعي