مقالات مرتبطة
من جهته، حاول الشايبي التهرب من المسؤولية وإلقاء اللوم على وكالات السفر التي سفّرت الحجيج وتركتهم في مكة المكرمة من دون إحاطة أو توجيه، ولا سيما أن خمسة حجاج فقط من البعثة الرسمية لقوا حتفهم، فيما المتبقون هم ممن سافروا عبر الوكالات، وبالتالي لا يدخلون تحت طائلة مسؤوليته. واكتفى الوزير المُقال بالقول إنه «إذا ثبت وجود تقصير في الإحاطة بالحجاج، فسيجري التحقيق فيه». والواقع أن الوكالات التي مكّنت الحجيج من تأشيرات سياحية تدخلهم إلى السعودية، لم توفّر لهم ما يكفي من المرافقين والخيم والحافلات، في الوقت الذي اشتكى فيه عدد من هؤلاء من تفاجئهم بغياب تام لممثلي الوكالة طيلة فترة أداء المناسك. وعليه، تواجه هذه الوكالات دعاوى قضائية قدّمها ذوو الحجاج المُتوفين أو الذين أسيئت معاملتهم بتهم الإهمال والتقصير اللذين نجمت عنهما الوفاة.
ومع ذلك، يرى مراقبون في حصر المسؤولية في وكالات السفر «حديثاً مبتوراً يلغي دور أطراف أخرى في جعل أداء فريضة الحج حلماً بعيد المنال للتونسيين الذين يسعون بكل الطرق، حتى تلك اللاقانونية، لتحقيقه». ذلك أن تجميع قرابة سبعة آلاف دولار لأداء المناسك ليس بالمهمة السهلة، بالمقارنة مع الدخل العام للمواطن التونسي في ظل الوضع الاقتصادي المتردّي، وهو أيضاً ما يصعب إمكانية إيجاد مرافق لمن يريد أداء فريضة الحج. وإذا ما تخطّت العائلات عقبة الكلفة التي تفرضها المملكة على تونس كل سنة، فإنها لن تتخطّى الانتقائية المُبالغ فيها في إطار ما يُعرف بقرعة الحج، والتي يتم من خلالها تحديد القائمة النهائية للحجاج في البعثة الرسمية، حيث يجري دس أسماء عبر المحسوبية والمحاباة فيما يُحرم أشخاص انتظروا دورهم لسنوات.
والجدير ذكره، هنا، أن العمرة بدورها غير متاحة للتونسيين إلا من خلال وكالات تربطها علاقة وثيقة بالسفارة السعودية في تونس، توفّر التأشيرة وخدمات رديئة مقابل ألفي دولار تقريباً، في الوقت الذي تبلغ فيه كلفة التأشيرة إلى المملكة - لمن يقرر أداء العمرة - من دون اللجوء إلى الوكالات، ألف دولار. وتضاف إلى ذلك، كلفة التأمين الصحي التي تتخطى المئتي دولار كلما تقدّم المسافر في السن، فضلاً عن تكاليف الإقامة والتنقل الباهظة الثمن. وبناءً على كل ما تقدّم، يلجأ الحجاج إلى الوكالات الخاصة باعتبارها قادرة على تحقيق حلم الحج، وتيسير الوصول إلى مكة المكرّمة.