طرابلس | على وقع ترتيبات أمنية رفيعة المستوى بين «حكومة الوحدة الوطنية»، بقيادة عبد الحميد الدبيبة، والحكومة التونسية، أعيد تشغيل معبر «رأس جدير» الحدودي بين ليبيا وتونس، أول من أمس، بشكل جزئي، عقب إغلاق دام أكثر من ثلاثة أشهر. ومن المفترض أن مزيداً من الترتيبات سيتم استكمالها خلال الأيام المقبلة تمهيداً للتشغيل الكامل بحلول الـ20 من الجاري، من خلال فتح البوابات الأربع المشتركة في المعبر، بما يتيح دخول المواطنين من البلدين وتسهيل حركة التجارة، بالإضافة إلى حل مشكلة تشابه الأسماء لدى مواطني الدولتين. ويجيء ذلك بعد اجتماع عُقد في مقر «حكومة الوحدة» في طرابلس (الحكومة المُعترف بها من قبل الأمم المتحدة)، حضره الدبيبة، ووزيرا داخلية ليبيا وتونس، عماد الطرابلسي وخالد النويري، الأربعاء الماضي، إثر المباحثات التي أجراها الأول مع الرئيس التونسي قيس سعيد، في 30 أيار الماضي، على هامش أعمال الدورة العاشرة للاجتماع الوزاري لـ«منتدى التعاون العربي الصيني في بكين»، حيث بحثا الإجراءات التنفيذية لإعادة فتح المعبر. وبموجب اتفاق التشغيل الذي وقّعه الوزيران، سيسمح باستخدام المعبر للحالات الإنسانية والحرجة، إلى جانب حاملي التصاريح التي تصدر عن وزارات الداخلية، سواء تلك التابعة لـ«حكومة الوحدة» أو الداخلية التونسية أو الجزائرية، في خطوة تمهّد للتشغيل الكامل. ووفقاً للبيان الذي صدر عنهما، يلتزم الطرفان «بفتح 6 مراكز للتسجيل الإلكتروني لسيارات المواطنين الليبيين، وعدم فرض أي رسوم أو غرامات مالية غير متّفق عليها، وضبط المعبر، وعدم وجود أي مظاهر مسلحة»، ولكن بشرط التسجيل المسبق من خلال الأماكن المخصّصة لذلك، بالإضافة إلى عمليات تفتيش للسيارات للتأكد من عدم وجود أي أسلحة أو ممنوعات في داخلها.
من جهتها، تأمل «حكومة الدبيبة» التي تعمل على استقطاب مزيد من القوى المسلحة خارج العاصمة، في إنهاء التوترات التي نشبت مع القوة العسكرية التابعة لـ«المجلس العسكري» في منطقة «بزوارة»، والتي تسيطر على المعبر بشكل فعلي، وتحقيق تفاهمات أمنية بشأن آلية إدارة المعبر. كذلك، تعهّد الطرابلسي بالعمل على حل الإشكاليات الخاصة بتشابه الأسماء، وتشديد إجراءات التفتيش لمنع عمليات التهريب التي كانت تحدث في السابق، وسط تفاهمات مع الجانب التونسي تتضمّن حلاً جزئياً لتلك المشكلة، عبر التصاريح الخاصة التي يجري استخراجها مسبقاً، وهو ما استلزم، ضمن ضوابط التشغيل التي تمّ الاتفاق عليها، توفير وتجهيز أجهزة تفتيش إلكترونية حديثة، وتحديث قاعدة البيانات التي يجري التعامل بها، وإجراء عمليات مراقبة وتدقيق.
حظيت خطوة إعادة تشغيل المعبر الحدودي بترحيب في الداخل الليبي


ومع ذلك، ثمة مخاوف لدى الحكومة التونسية من عدم قدرة حكومة الدبيبة على الوفاء بجميع الالتزامات والتعهدات التي أعلنتها، وفي مقدّمتها «الالتزام بالإيفاء بالمعايير الدولية» في الجانب الليبي من المعبر، عقب الانتهاء من تجهيز جميع اللوازم المرتبطة بتشغيله، وفقاً لمصادر تحدّثت إلى «الأخبار»، أشارت إلى أن وزير الداخلية التونسي أبلغ نظيره الليبي بشكل واضح بضرورة الالتزام بكل ما جرى الاتفاق عليه وفي المواعيد المحدّدة. كما شدّد على أن «أي وجود لمظاهر مسلحة أو ثبوت لعمليات تهريب جرت من الجانب الليبي بعلم القائمين على المعبر من شأنها أن تؤدي إلى إغلاقه على الفور».
وبحسب مصادر «الأخبار»، فإن هناك اهتماماً ليبياً كبيراً بعودة تفعيل الحركة على المعبر، بعدما أدى إغلاقه إلى حالة غضب، مع تعطّل أشغال الآلاف من الليبيين وعرقلة حركة التجارة، وسط تشديد على تفعيل كل السبل الممكنة لانتظام عملية التشغيل. وفي الوقت الراهن، وبينما يسعى الدبيبة إلى حلحلة المشكلات الداخلية بشكل تدريجي في محاولة لتخفيف الضغط على حكومته والانتقادات لأدائها، وسط بحثه أيضاً عن حلول سياسية تدعم موقفه الراغب في البقاء في السلطة وخوض الانتخابات الرئاسية، يبدو أن «الموقف التونسي بشأن دعم فتح المعبر قبل استيفاء جميع المتطلبات نابع من دعم تحركات الدبيبة»، علماً أنه جاء بعد تواصل مكثّف في الأسابيع الماضية. وحظيت خطوة إعادة تشغيل المعبر الحدودي بترحيب في الداخل الليبي، وسط وعود أطلقها الدبيبة بمزيد من الحلحلة في الأعمال التجارية في القريب العاجل.