رأت دمشق أنّ ما حدث في أم الدنيا هو عرس حقيقي وانتصار لإرادة الشعب، وسقوط لمشروع الإسلام السياسي. خُلع الرئيس المصري محمد مرسي، فزغردت الفضائية السورية، وعدته إنجازاً كبيراً، وانعطافاً جذرياً لمصلحة الديموقراطية. وكان الحدث قد مثّل استراحة لها من الهجوم الذي تشنّه على رجب طيب أردوغان دعماً للاحتجاجات الشعبية ضده. في الليلتين الماضيتين، تنفس التلفزيون السوري الصعداء. بينما راح ينقل في أسفل شاشته مقتطفات من حديث الرئيس بشار الأسد لصحيفة «الثورة» الرسمية وأبرز ما جاء فيه، بثّ بياناً لمصدر مسؤول في وزارة الخارجية حول ضرورة اهتداء الشعوب بهذا التحول لاسقاط «التجربة الفاشلة»، فقال إنّ «مصر شهدت تحولاً تاريخياً عميقاً يعكس وعي وحضور شعبنا هناك، وتمسكه بعروبته ورفضه التدخل الأجنبي في شؤونه الوطنية ومعارضته لأي مساس بسيادة مصر». هكذا، عبرت السلطة في سوريا عن موقفها المتضامن وأعربت في بيانها ذاته عن تقديرها العميق للحراك الوطني الشعبي في مصر، الذي أثمر إنجازاً كبيراً، مؤكدةً أنّ ما جرى «انعطاف جذري ينطوي على إرادة راسخة بالحفاظ على الديموقراطية والتنوع وحق الاختلاف، وممارسة العمل السياسي والتعددية السياسية ورفض أخونة الدولة»، في إشارة الى جماعة الاخوان المسلمين، التي ينتمي إليها الرئيس المعزول.

وأشار المصدر إلى «ضرورة أن تهتدي شعوب العالم بهذا التحول، لتسقط نهائياً وإلى غير رجعة تلك التجارب الفاشلة والآثمة، بحق الاسلام والأمة والتاريخ والإنسان» داعياً الشعب المصري إلى التمسك بهذا النصر والدفاع عنه. الرسالة الخطابية المبهرجة التي تبنتها القنوات الرسمية السورية لم تلق سوى سخرية رواد المواقع الافتراضية، الذين هللوا بسخرية للإعلام الوطني لأنه يحتفل بسقوط رئيس، فيما راح بعض المؤيدين للنظام السوري ينشرون صوراً مركّبة للرئيس بشار الأسد، وهو يضحك قبالة صور لحمد بن خليفة، ورجب طيب أردوغان ومحمد مرسي. ووُضعت على هذه الصور إشارات x باللون الأحمر، فيما الرئيس السوري ينادي «يلا يلي بعدو» في إشارة شماتة من الرؤساء الذين وقفوا ضد النظام السوري، وما حل بهم من «لعنة سوريا» بحسب إحدى المؤيدات. واستمر السيل الهادر من التعليقات عبر الصفحات السورية على مواقع التواصل الاجتماعي، انطلاقاً من التغطية الرسمية للحدث، إذ سخر بعض رواد الفايسبوك من تغطية التلفزيون السوري، وعدّوها سابقة تاريخية أن يحتفل هذا التلفزيون بعزل رئيس، فيما صبّ البعض جام غضبهم على الكاتب السوري حكم البابا بمواقفه التحريضية المناصرة للجماعات التكفيرية، على اعتبار أنه انزعج من إسقاط الرئيس الإخواني. وفي سياق متصل، اتجهت غالبية التعليقات والتغريدات السورية لتهنئة الشعب المصري من دمشق، ورفعت له القبعات لأنه أعطى درساً حقيقياً في إزاحة الطغاة. تعليقات أكثر حنكة اشتمّت في ما يحصل في مصر رائحة مشروع أميركي جديد بعد فشل مشروع الإخوان المسلمين في المنطقة العربية وسقوطه، ورأى أصحابها أن ما يحصل هو مقدمة لتسليم مصر مجدداً لشخصية أكثر سوءاً من الرئيس المعزول، لكنها ليست إسلامية.
نجوم الإعلام والتلفزيون دخلوا على الخط، فهنأ الفنانون السوريون، وخصوصاً المقيمين منهم في هوليوود الشرق شعب مصر، ورأوا أنّ إزاحة مرسي عن الحكم نصر تاريخي للعرب، وتمنوا لبلادهم أن تحذو حذو المحروسة، وهذا بالضبط ما فعلته المطربة السورية المعارضة أصالة نصري عندما غردت على تويتر بالقول: «مصر العظيمة وشعبها الحر وأرضها الطاهرة مباركة عليك الحرية التي تستحقينها» لتسلك الطريق ذاته ممثلات سوريات مثل كندة علوش، وروعة ياسين. فيما كانت أبرز التعليقات تلك التي كتبت على صفحات النجوم تلك التي خطّها النجم السوري أيمن زيدان المقيم حالياً في أرض الكنانة، إذ كتب عبر صفحته الشخصية على الفايسبوك تعليقات وجدانية قال فيها «حالة الفرح الشعبية التي اجتاحت الشارع المصري كانت لافتة الى حد الادهاش، بكل تفاصيلها كانت تعبر عن عشق خرافي لمصر. شعب يعشق وطنه حتى الثمالة، وأمام هذا العشق الأخاذ، تتلاشى كل التأويلات والتحليلات السياسية لحدث عزل محمد مرسي». من جانب آخر، هناك من رأى أن ما حدث هو عودة إلى «الرشد والطريق السليم» وعلى رأسهم الشعراء الذي يستاؤون من مجرد ذكر اسم الإخوان المسلمين. وهذا حال الشاعر والكاتب السوري سامر إسماعيل الذي كتب على صفحته الشخصية على الفايسبوك: «مصر عادت إلى رشدها، هذا يكفي. مصر انعتقت من حكم العصور الوسطى، ومن محاكم التفتيش الإسلامية، وهل هناك أقسى من أن يتجول الإخوان في شوارع مصر، فيحجّبون تمثال أم كلثوم، ويهدمون قبر عبد الحليم، ويكفرون عبد الناصر، ويقيمون الحد على أفلام السينما؟».