لا يتوقّف الشباب العربي عن أخذ دورٍ لهم في المعركة الوجودية مع العدو الصهيوني. أخيراً، صنع اليوتيوبر والممثل والمخرج المسرحي حسن قطيش وقدّم مقطع فيديو قصير حول المقاطعة مقدّماً فيه رؤيته للصراع بشكلٍ مختصر. صاحب برنامج «بالأملية» مع زميليه قدّم في الفيديو رؤيته الخاصة من خلال مقطعٍ مباشرٍ قصير ذي فكرةٍ عميقة ذات دلالة.يجلس بطل العمل متناولاً طعام الإفطار الرمضاني حسبما هو واضح. بطل العمل يعتبر أنه خارج معادلة الصراع مع العدو، خارج معادلة أي صراعٍ مع أي أحد، وهو لا يهتم بالسياسة. كل ما يهمه هو حياته اليومية، طعامه، مأكله، ملبسه وما إلى هنالك. شخصٌ يعيش اليوم بيومه، يظهر هذا من خلال اختياره مشروبه الغازي «المقاطَع» من قبل كثيرين. يمسك بقنينة المشروب الغازي الكبيرة –العائلية الحجم- ثم يفتح غطاء العلبة التي تعد دائماً بهدايا تختبئ صورها «تحت غطاء القنينة». يفتح الغطاء منتظراً الهدية القيّمة، هو لا يهتم بأن هذا المشروب مقاطع، لا يهتم إلا بحصوله على المشتهى: الهدية. يفتح القنينة الأولى، «جرّب مرة أخرى»، يشير إلى زوجته/ أخته التي لا تظهر في الصورة، لكنه يستخدمها هنا للإيحاء بوجود العائلة: «ليكي ناوليني قنينة تانية». إنها الرغبة المحمومة بالحصول على الهدية. «عم بيقولوا عاملين عرض كتير حلو بشهر رمضان». إنها لعبة الإعلان القائم على ترغيب المواطن بالشراء، مهما كان الثمن، ومهما كانت التضحيات. يسمع المشاهد صوت فتح قنينة المشروب الغازي الشهيرة، ويمسك بطل العمل بالغطاء رافعاً إياه أمام عينيه والكاميرا في آنٍ معاً. هنا تتأتى الهدية؛ يظهر الواقع؛ إذ يشير غطاء القنينة إلى الهدية غير المرجوة، الهدية التي تختبئ خلف كل هذا المشروب وما شابهه: «إبادة عائلةٍ فلسطينية». تتوقّف الصورة قليلاً، تعود الكاميرا للإقتراب. يريد بطل العمل التأكد من المعلومة التي يقرأها: هل هي فعلاً كما رآها؟ هل فعلاً تقتل هذه المشروبات «عائلاتٍ فلسطينية» و«تبيدها»؟ يتزايد البعد الدرامي في المشهد، تنتقل الصورة من غطاء القنينة الذي يزدان بالجملة المرعبة «إبادة عائلةٍ فلسطينية» إلى وجه بطل العمل الذي بات مرعوباً، لكن المشهد يكتمل، تسقط نقاطُ من سائلٍ أحمر لزج على وجه البطل، لتأتي جملة الختام: «ما تنسى، قاطع»
هذا العمل المباشر الذي يمتلك عمقاً كبيراً، يظهر أن العمل الفردي، والمدفوع بمشاعر وطنية وجياشة من شأنه أن يؤسس لمرحلة وعيٍ مهمة خصوصاً بعد مرحلة «طوفان الأقصى»، التي أعادت بشكلٍ أو بآخر تشكيل الوعي العربي ورفعه في مقابل الاحتلال الصهيوني لفلسطين. هنا تجدر الإشارة إلى ضرورة تشجيع هؤلاء الشباب المبدعين على الإستمرار وتخليق مزيد من هذه الحالات الناشطة والتأكيد على ضرورتها لأنها بشكلٍ أو بآخر تتحدّث مع الشباب والأجيال الجديدة بلغتهم بعيداً عن لغةٍ «مثقفين خشبيين» يباعون عند كل مفترق حاكمٍ وثري.
ربما نحنُ بحاجةٍ لمئة أو مئتين أو حتى ألف حسن قطيش لدفع عجلة المجتمع المشرقي/ العربي الثقافية من جديد، لكنها بادرةٌ جيدة من شبابٍ يحاولون الكثير لأجل بلادهم.