قبل ثلاثة أيام، انتهت مدة عقد شركة «ألفاريس أند مارسال» المكلفة بالتدقيق الجنائي في حسابات «المصرف المركزي». أمس، مدّد عقد الشركة لثلاثة أشهر اضافية، بعد اجتماع حضره في بعبدا الى جانب رئيس الجمهورية ميشال عون، وزير المالية غازي وزني، وحاكم «مصرف لبنان» رياض سلامة، ومدير الشركة دانيال جيمس. التخبط الذي ساد الأوساط السياسية والحكومية، مع تعنّت سلامة في تسليم الشركة المستندات والكشف عن الحسابات والتحويلات المصرفية والمالية، تحت ذريعة الإختباء خلف قانون السرية المصرفية، وقانون النقد والتسليف، مقابل، تشدد من قبل عون ووزيرة العدل ماري كلود نجم، بضرورة التدقيق في الحسابات والتي لا تخضع للقوانين... أمام هذه المشهدية المنقسمة داخل أركان الدولة، انسحب هذا الأمر على وسائل الإعلام المحلية، التي انقسمت بدورها في تعاطيها مع هذا الحدث، فمنها من وقف الى جانب حاكمية مصرف لبنان، ورمى الكرة في مرمى حكومة تصريف الأعمال، ومنها من أشار بالمباشر الى امتناع سلامة عن تسليم المستندات، والتهرّب بالتالي من التدقيق الجنائي. هكذا، انقسمت القنوات المحلية أمس عامودياً، وبدا أن ما كان يسمى بـ «قنوات الثورة» والدفاع عن حقوق المودعين ومعرفة حقيقة ما جرى من تدهور في القطاع المالي والمصرفي، أول من «تصدّى»، للدفاع عن هذه المنظومة التي أودت بنا الى الخراب. قناة mtv، التي أسمت التدقيق بـ «المالي» بدل «الجنائي» لم يكن جديداً عليها الإنغماس في الدفاع عن سلامة (تقرير: جيسي طراد)، وتبني موقفه من التدقيق، ووضع الأعذار له في «عدم امكانية تخطي المركزي للقوانين»، وضرورة «احترام السرية المصرفية»، والا «سيتعرض للملاحقة القانونية»! بدورها، لم تكن «الجديد» بعيدة عن هذه الأجواء، إذ حاولت تضييع البوصلة، بطلب التدقيق في إدارات الدولة والوزارات، والبدء به من «أسفل الهرم الى أعلاه»، إذ أوردت في مقدمة نشرة أخبارها :«من واجبات الدولة أن ترفع السرية المصرفية عن حساباتها وتقدمها لمصرف لبنان كي يبدأ التدقيق الجنائي والعكس ليس صحيحاً». وفي النشرة، مداخلة لوزيرة العدل ماري كلود نجم، والتي حاول جورج صليبي في حديثه معها، تكرار ما ورد في مقدمة النشرة وسؤالها: «لماذا لا ترفعون السرية عن حسابات الدولة مش بس عن المركزي؟». مقابل هذه المشهدية التي تستميت للدفاع عن منظومة المصارف وتغطية مكامن الفساد، وقفت otv، على الضفة المقابلة، لتشيد بتدخل عون في قضية التدقيق، وبـ«إنعاشه العقد المتهالك»، وتنقل عنه «اصراره على التدقيق مهما كلف الثمن». الى جانبها «المنار» التي وصفت ما يجري بـ «مهزلة التهرب من التحقيق المالي الجنائي»، وما يفعله سلامة بـ «التعنّت». أما lbci، التي حاولت اللعب في الوسط، وايراد كل وجهات النظر، فقد شككت في نهاية تقريرها (ندى أندراوس عزيز) الذي بث أمس، في عملية التدقيق، من وصولها الى كشف لكل «الحقائق» والهندسات المالية والتحويلات، في ظل رفض «المركزي» الكشف عنها.